ثم كانت النتيجة عكس ما كان يتوقعه المأمون والعباسيون ، وأشياعهم وباءوا كلهم بالفشل الذريع ، والخيبة القاتلة (١) ..
هو قوله : وقد خشينا إن تركناه على تلك الحال .. إلى آخر ما نقلناه عنه آنفا ؛ فإنها أوضحت أن المأمون الذي كان يخشى الإمام خشية شديدة ، كان يخطط أولا إلى أخذ زمام المبادرة من الإمام ، وتحاشي الاصطدام معه ثم كان يخطط بعد ذلك إلى الوضع منه (ع) قليلا قليلا إلى آخر ما تقدم ..
ولا يرد : أن كلام المأمون مع حميد بن مهران ظاهره : أنه لم يكن يريد في بادئ الأمر الحط من الإمام عليهالسلام ، وإنما بدا له ذلك حين قوي مركز الامام عليهالسلام ، واستحكم أمره .. لا يرد ذلك ..
لأن كلامه هذا لا ينفي أنه كان يريد من أول الأمر ذلك ، بل هو يؤكد ذلك ، لأنه يصرح فيه : أنه إنما قدم على ما أقدم عليه ، عند ما رأى افتتان الناس به عليهالسلام ، فأراد أن يعمل عملا يفقد الإمام عليهالسلام مركزه ، ويقضي على كل نشاطاته ، ويذهب بما له من القدرة والنفوذ نهائيا ، وإلى الأبد.
ولقد تحدثنا فيما سبق عن بعض تصرفاته التي تدور في فلك خططه تلك مثل : فرضه للرقابة على الامام (ع) ، والتضييق عليه ؛ فلا يصل إليه إلا من أحب ، وعزله عن شيعته ومواليه ، وأيضا تفريقه الناس عنه ، عند ما أخبر أنه يقوم بمهمة التدريس ، وكذلك قضية صلاة العيد ، وغير ذلك مما تقدم.
__________________
(١) راجع : شرح ميمية أبي فراس ص ١٩٦ ، وعيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٧٠ ، والبحار ج ٤٩ ص ١٨٣ ، ومسند الامام الرضا ج ٢ ص ٩٦ ..