حيث إنه رآه في منامه ، فسأله مسألة ؛ فقال له الإمام (ع) : « سلاما سلاما » .. فعند ما أفهمه المأمون : أنه (ع) يشير بذلك إلى قوله تعالى : « وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما » خجل ، وندم على إخباره المأمون بما كان (١) ..
وعن صلاح الدين الصفدي في شرح الجهورية : أنه لما مات ابراهيم ابن المهدي سأل الواثق عن وصيته ؛ فوجده قد أمر بمال عظيم : أن يفرق على أولاد الصحابة ، إلا أولاد علي (ع) ؛ فقال الواثق : « والله ، لو لا إطاعة أمير المؤمنين لما وقفت عليه ، ولا انتظرت دفنه » ، ثم انصرف الواثق وهو يقول : « منحرف عن شرفه ، وخير أهله ؛ والله ، لقد أدليته في قبره كافرا. » (٢).
إلى غير ذلك من الدلائل والشواهد التي يطول بذكرها المقام ..
ولكن رغم موقف بغداد ذاك ، ورغم أنه كان يعلم به ، ويعلم بكل ما جرى في بغداد بسبب جعله ولاية العهد للرضا نرى المأمون يحاول أن يرسل الامام إلى بغداد ، ليكون وجها لوجه مع ألد أعدائه العباسيين ، وفي نفس معقلهم ، ومحل قوتهم ، وحيث لهم كل النفوذ والسيطرة. يرسله ـ وحده!! ـ ويبقى هو خليفته في خراسان ..
ويرفض الامام ، ويصر على الرفض ، حتى يئس المأمون من قبوله ..
يقول المأمون : « رحم الله الرضا (ع) ، ما كان أعلمه ، لقد
__________________
(١) مناقب ابن شهرآشوب ج ٣ ص ٢٧١ ، ونزهة الجليس ج ١ ص ٤٠٣.
(٢) نزهة الجليس ج ١ ص ٤٠٤.