الآخر ، والأهم منها ؛ فقد نجا الامام (ع) بفضل وعيه ويقظته ، ووقع الفضل في الشرك وحده وقتل بتدبير من المأمون ، فرضي بذلك العباسيون. وقتل قتله ، فرضي الحسن بن سهل ، والخراسانيون.
ومجمل قضية قتل الفضل هنا : « أن المأمون لما رأى إنكار الناس ببغداد لما فعله من نقل الخلافة إلى بني علي ، وأنهم نسبوا ذلك إلى الفضل بن سهل ، ورأى الفتنة قائمة ولا يستطيع أن يقتل الفضل جهارا لمكان أخيه الحسن بن سهل ، وكثرة من معه من الرجال (١) فأعمل الفكرة في ذلك ، ودس جماعة لقتل الفضل ..
والذين قتلوا الفضل كانوا خمسة اشخاص من حشم المأمون ، أحدهم : خاله غالب ؛ فأخذوا وجيء بهم إليه ؛ فقالوا : أنت أمرتنا بقتله!! .. فقال لهم : أنا أقتلكم باقراركم ، وأما ما ادعيتموه : من أني أنا أمرتكم بذلك ؛ فدعوى ليس لها بينة. ثم أمر بهم فضربت أعناقهم ، وحمل رءوسهم إلى الحسن أخي الفضل ، وأظهر الحزن عليه .. » (٢)!! كما أنه قد اقصى قوما من قواده سماهم الشامتة ؛ واظهر عليه أشد الجزع كما نص عليه اليعقوبي. وواضح أن قتله لقتلة الفضل ، ثم إرساله رءوسهم إلى الحسن ، ثم إظهاره للحزن عليه لخير دليل على دهائه وحنكته السياسية ..
بل ذكر المسعودي ، ويظهر ذلك من غيره أيضا : أن المأمون قتل
__________________
(١) راجع لطف التدبير ص ١٦٤ ـ ١٦٦.
(٢) راجع في ذلك : الآداب السلطانية ص ٢١٨ ، وتاريخ ابن خلدون ج ٣ ص ٢٤٩ ، ولطف التدبير ص ١٦٤ ـ ١٦٦ ومآثر الانافة ج ١ ص ٢١١ ، والكامل لابن الأثير ج ٥ ص ١٩١ و ١٩٢ ، والطبري ج ١١ ص ١٠٢٧ ، ووفيات الأعيان ، طبع سنة ١٣١٠ ج ١ ص ٤١٤ ، ومرآة الجنان ج ٢ ص ٧ ، واثبات الوصية ص ٢٠٧. وليراجع تجارب الامم ج ٦ ص ٤٤٣.