ومن جهة أخرى ؛ فرغم محاولات المأمون للتستر على جريمته النكراء تلك خوفا من ثورة الرأي العام ضده .. فإنه لم يستطع إخفاء الحقيقة ، وطمس الواقع بل شاع الأمر ، وافتضح المأمون .. بل سيمر معنا أنه هو نفسه قد فضح نفسه ..
وأخيرا .. فإن ما أقدم عليه المأمون من الغدر بالامام (ع) ، ودس السم إليه لخير دليل على فشل المأمون في سياسته ، الفشل المزري والمهين .. حتى إنه عند ما عجز عن أن ينال من الامام (ع) حيا ، أراد أن ينال منه ميتا ؛ بدافع من حقده الدفين ، الذي لم يعد يستطيع أن يتحمل مضاعفاته ؛ فكتب إلى السري عامله على مصر ، يخبره بوفاة الرضا ، ويأمره بغسل المنابر ، التي دعي له عليها ، فغسلت .. كما تقدم .. وهذا إن دل على شيء ؛ فإنما يدل على أن الحقد كان قد أكل قلبه ، وأعمت البغضاء بصره وبصيرته ..
كما أنه يدل على خسّة في النفس ، وإسفاف في التفكير ، وشعور بالعجز ، وبالنقص أيضا ..