وإذا تحقق لدينا أنهم إنما كانوا يقدرون العلم والعلماء لاهداف سياسية معينة كما أوضحنا .. فلسوف لا نستغرب إذا رأينا :
أنهم كانوا إذا شعروا بالخطر يتهددهم من قبل أية شخصية ، ولو كانت علمية ، لا يترددون في القضاء عليها ، والتخلص منها ، بأي وسيلة كانت ..
قال أحمد أمين : إن المنصور كان « يقرب المعتزلة إذا شاء ، ويقرب المحدثين والفقهاء ، ما لم تقض تعاليم أحدهم بشيء يمس سلطانه ؛ فهناك التنكيل .. » (١).
وقال السيد أمير علي : « .. كان خلفاء بني العباس يسحقون كل اختلاف معهم في الرأي بصرامة. وحتى الفقهاء المعاصرون كانوا عرضة للعقاب ؛ إذا تجرءوا على الافصاح عن رأي لا يتفق ومصلحة الحاكمين .. » (٢) ..
ولقد رأينا المنصور يدس السم لأبي حنيفة ، ويضيق على الإمام الصادق ـ الذي لم يبايع لمحمد بن عبد الله العلوي ـ ، وضيق على من تلاه من ذريته ، ولا حق تلامذته ومحبيه ..
لكنه لم يقتل عمرو بن عبيد ، ولا أهانه بل مدحه بقوله :
كلكم يطلب صيد |
|
غير عمرو بن
عبيد .. |
رغم أن عمرا هذا كان قد بايع لمحمد بن عبد الله العلوي ، ورغم أن مذهبه يفرض عليه الخروج على النظام ؛ لأن من أصول المعتزلة الخمسة ،
__________________
(١) ضحى الإسلام ج ٣ ص ٢٠٢ ، ولا بأس أيضا بمراجعة ج ٢ ص ٤٦ و ٤٧.
(٢) روح الاسلام ص ٣٠٢.