وإننا بعد القاء نظرة سريعة وعابرة على أقوال المؤرخين في هذا المجال ، نستطيع أن نلاحظ : إلى أي حد اضطربت كلماتهم في هذه القضية ، وتباينت اتجاهاتهم ..
فعدا عن أولئك القلة الذين تحدثنا عنهم آنفا نرى :
فريقا ثانيا قد أوردوا خبر وفاته مجردا عن بيان السبب ، ثم سكتوا ، أو عقبوا ذلك بقولهم : « وقيل : إنه مات مسموما » ومن هؤلاء اليعقوبي في تاريخه ج ٣ ص ٨٠. وإن كان يظهر من عبارته اختيار مسموميته ، وابن العماد في شذرات الذهب ، وغيرهم.
ولعل هؤلاء ممن جازت عليهم لعبة المأمون ، وانطلت عليهم حيلته ، وأقنعتهم الحجج الواهية الآتية التي يسوقها الفريق القائل ببراءة المأمون من دم الرضا (ع) .. أو لعلهم لم يكونوا بصدد بحث هذا الأمر وتمحيصه .. أو لأنهم لم يستطيعوا أن يصدعوا بالحقيقة ؛ لما كانوا يخشونه من سطوة الحكام ، وبطشهم. ولم يريدوا أن يحرفوا الكلم عن مواضعه ، فآثروا السكوت ، واهمال ذلك ، على أمل أن يقيض الله من يصدع بالحق ويكشف عن الواقع .. إلى غير ذلك من الاحتمالات ، التي قد يجد بعضها شواهد تاريخية كثيرة ..
وهناك فريق آخر يرى أنه (ع) مات مسموما ، وأن الذي دس إليه السم هم العباسيون .. وهذا هو رأي السيد أمير علي ، وأشار إليه