وقد تحدثنا في فصل : أسباب البيعة لدى الآخرين ، وغيره من الفصول ، وسيأتي الحديث بما فيه الكفاية إن شاء الله تعالى ..
إنه (ع) قد مات حتف أنفه ، ولا يقبل أبدا بأنه (ع) مات مسموما ، ويورد لذلك الحجج والبراهين التي رأى أنها كافية للدلالة على أنه (ع) لم يمت مسموما.
ونذكر من هؤلاء سبط ابن الجوزي ، حيث قال ـ بعد أن أورد خبر وفاته ، وحكى القيل بأنه دخل الحمام ثم خرج ، فقدم له طبق فيه عنب قد أدخلت فيه الابر المسمومة ، من غير أن يظهر أثرها ، فأكله ، فمات ـ قال بعد ذلك : « وزعم قوم : أن المأمون سمه ، وليس بصحيح ؛ فإنه لما مات علي توجع له المأمون ، وأظهر الحزن عليه ، وبقي أياما لا يأكل طعاما ، ولا يشرب شرابا (١) ، وهجر اللذات إلخ .. » (٢).
لكن عبارة سبط ابن الجوزي هذه تقتضي أنه ينكر أن يكون المأمون هو الذي سمه ، ولا ينكر أن يكون (ع) قد مات بسم غير المأمون.
وقد تابعه الاربلي في كشف الغمة على ذلك ، محتجا بعين ما احتج به ، وأضاف إلى ذلك : أن سمه إياه يتنافى مع اكرامه له ، وأنه كان ينبه على علم الرضا ، وشرف نفسه وبيته إلخ ..
__________________
(١) في تاريخ اليعقوبي ج ٣ ص ٨١ : أن المأمون بقي ثلاثة أيام مقيما عند قبر الرضا (ع) ، يؤتى كل يوم برغيف وملح ؛ فيأكله. ثم انصرف في اليوم الرابع.
(٢) تذكرة الخواص ص ٣٥٥.