فهاجر إلى القوم الذين تبؤوا الدار والإيمان من قبلهم ، يحبون من هاجر إليهم ، ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ، ويؤثرون على أنفسهم ، ولو كان بهم خصاصة ، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ..
فلم يقم مع رسول الله (ص) أحد من المهاجرين كقيام علي بن أبي طالب (ع) : فإنه آزره ووقاه بنفسه ، ونام في مضجعه. ثم لم يزل بعد مستمسكا بأطراف الثغور ، وينازل الأبطال ، ولا ينكل عن قرن ، ولا يولي عن جيش ، منيع القلب ، يؤمر على الجميع ، ولا يؤمر عليه أحد. أشد الناس وطأة على المشركين ، وأعظمهم جهادا في الله ، وأفقههم في دين الله ، وأقرأهم لكتاب الله ، وأعرفهم بالحلال والحرام.
وهو صاحب الولاية في حديث « غدير خم » ، وصاحب قوله : « أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي » ، وصاحب يوم الطائف. وكان أحب الخلق إلى الله تعالى ، وإلى رسول الله (ص). وصاحب الباب ، فتح له ، وسد أبواب المسجد. وهو صاحب الراية يوم خيبر. وصاحب عمرو بن عبد ود في المبارزة. وأخو رسول الله (ص) حين آخى بين المسلمين ..
وهو منيع جزيل. وهو صاحب آية : « ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ، ويتيما ، وأسيرا ». وهو زوج فاطمة سيدة نساء العالمين ، وسيدة نساء أهل الجنة ، وهو ختن خديجة (ع). وهو ابن عم رسول الله (ص) ، رباه وكفله. وهو ابن أبي طالب في نصرته وجهاده. وهو نفس رسول الله (ص) في يوم المباهلة.
وهو الذي لم يكن أبو بكر وعمر ينفذان أمرا حتى يسألانه عنه ؛ فما رأى إنفاذه أنفذاه ، وما لم يره رداه. وهو دخل من بني هاشم في