ص ٤٣٧ : أنه عند ما جمع السفاح خاصته ليستشيرهم بقتل أبي سلمة وأخبرهم بمكاتبته للعلويين .. نجد أن بعض خاصته انبرى ليقول : ما يدريكم لعل ما صنع أبو سلمة كان من رأي أبي مسلم (١). وعليه فلا يصح قول صاحب العيون والحدائق ص ١٨١ : « ولم يكن هوى أبي سلمة معهم ، وإنما كان هواه مع الصادق جعفر الخ .. » فإن لجوءه إلى الصادق إنما كان لأجل استقامة الأمر. بل إن بعض المحققين لا يستبعد أن يكون من جملة أهدافهم من رسائلهم تلك ، إلى الصادق ، وعبد الله ابن الحسن ، وغيرهما من العلويين .. هو معرفة إن كان هؤلاء يطمحون إلى الحكم ، ويرغبون فيه أولا .. وذلك ليستعد العباسيون ـ من ثم ـ لمواجهة دعوتهم ، ورصد كل حركاتهم ، وسكناتهم ، ومن ثم شل حركتهم ، والقضاء عليهم .. وهذا أسلوب استعمله المنصور من بعد ، لكن الإمام الصادق عليهالسلام تنبه للمكيدة ، وعمل على احباطها ..
د : وتصريح أبي سلمة هذا وموقف الإمام منه ، وقوله : إنه شيعة لغيره يلقي لنا ضوءا على الروايات التي تتهمه ، وتتهم أبا مسلم بميول علوية .. وأن أبا مسلم أراد أن يعلن خلافة علوية ، بمجرد وصوله إلى خراسان ، كما عن الذهبي ، وشارح شافية أبي فراس ، وتاريخ الخميس. فان ذلك لا شاهد له إلا رسائلهما التي أشرنا إليها .. مع أنها لم يكن الهدف منها إلا استقامة الأمر للعباسيين .. خصوصا إذا لاحظنا أن أبا مسلم قد قضى على عدة ثورات للعلويين ، وباسمهم ـ كما أشرنا إليه ـ
__________________
(١) وأما كتابه للصادق فهو لا يدل على اخلاصه له ، بل هو فقط ـ كان يدبر استقامة الأمر ، وقتله من قبل العباسيين بهذا الجرم ليس إلا تغاضيا عن حقيقة الأمر بهدف الوصول إلى أهدافهم في التخلص منه بطريقة مشروعة.