أن السفاح ، من أول عهده كان قد وضع الجواسيس على بني الحسن ؛ حيث قال لبعض ثقاته ، وقد خرج وفد بني الحسن من عنده : « قم بانزالهم ولا تأل في الطافهم. وكلما خلوت معهم ؛ فأظهر الميل إليهم ، والتحامل علينا ، وعلى ناحيتنا ، وأنهم أحق بالأمر منا ، وأحص لي ما يقولون ، وما يكون منهم في مسيرهم ، ومقدمهم (١) .. ».
وقد تنوعت هذه المراقبة ، وتعددت أساليبها بعد عهد السفاح ، يظهر ذلك لكل من راجع كتب التاريخ (٢) ..
ومما يدل على مدى تخوف العباسيين من العلويين وصية المنصور لولده المهدي ، التي يحثه فيها على القبض على عيسى بن زيد العلوي ، يقول المنصور :
« .. يا بني ، إني قد جمعت لك من الأموال ما لم يجمعه خليفة قبلي ، وجمعت لك من الموالي ما لم يجمعه خليفة قبلي ، وبنيت لك مدينة لم يكن في الاسلام مثلها. ولست أخاف عليك إلا أحد رجلين : عيسى بن موسى ، وعيسى بن زيد. فأما عيسى بن موسى ، فقد أعطاني من العهود والمواثيق ما قبلته ، وو الله ، لو لم يكن إلا أن يقول قولا لما خفته عليك ؛ فأخرجه من قلبك. وأما عيسى بن زيد ؛ فانفق هذه الأموال ، واقتل هؤلاء الموالي ، واهدم هذه المدينة ، حتى تظفر به ،
__________________
(١) الطبري ، طبع ليدن ج ١١ ص ٧٥٢ ، والعقد الفريد ، طبع دار الكتاب العربي ج ٥ ص ٧٤ ، وتاريخ التمدن الاسلامي ، وغير ذلك ..
(٢) وقد اعترف المنصور نفسه بهذه المراقبة في بعض خطبه ؛ فراجع : الطبري ج ١٠ ص ٤٣٢ ، ومروج الذهب ج ٣ ص ٣٠١.