بل إن بعض النصوص التاريخية تفيد أن المهدي أيضا كان لا يريد أن يجيز بيعة علي عليهالسلام (١).
وإذا ما عرفنا أن اظهار المأمون حبه لعلي بن أبي طالب ، وولده ، ليس إلا لظروف سياسية معينة كما سيأتي توضيحه .. فاننا سوف نرى أنفسنا مقتنعين بأن تأرجح الامام علي عليهالسلام في ميزان الاعتبار في تلك الفترة والتي بعدها عند العباسيين ، لم يكن إلا أمرا ظاهريا أملته الظروف السياسية ، والاجتهادات المختلفة في أساليب مواجهة العلويين .. ولهذا نرى ارتباكهم في ذلك ظاهرا للعيان من وقت لآخر ، ومن فترة لأخرى .. وهكذا .. نجد أن الإمام عليا لم يكن معتبرا عند المأمون ،
__________________
(١) فقد ذكر ابن الأثير في الكامل ج ٥ ص ٧٢ ، والطبري في تاريخه حوادث سنة ١٦٩ ه. : أن المهدي عند ما رأى في وصية القاسم بن مجاشع التميمي المروزي عبارة : « .. ويشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وأن علي بن أبي طالب وصي رسول الله ، ووارث الامامة من بعده .. الخ » .. رماها من يده ، ولم ينظر في باقيها ..
كما أنه عند ما ذهب لعيادة أبي عون ، الذي كان من كبار رجال الدعوة ، والذي أرسله أبو مسلم في ثلاثين ألفا في طلب مروان بن محمد ، وكان هو الذي أنهى أمره في مصر على ما في الامامة والسياسة ج ٢ ص ١١٦ ، ١١٩ ، ١٢٠. ـ عند ما ذهب المهدي لعيادته ـ ، وطلب منه أبو عون أن يرضى عن ولده ، الذي كان يرى رأي الشيعة في الخلافة ، أجاب : أنه على غير الطريق ، وعلى خلاف رأينا. فقال له أبو عون : هو والله يا أمير المؤمنين ، على الأمر الذي خرجنا عليه ، ودعونا إليه ؛ فان كان قد بدا لكم ، فمرونا ، حتى نطيعكم .. راجع الامام الصادق والمذاهب الأربعة ، المجلد الأول ، جزء ٢ ص ٥٦٩ ، وقاموس الرجال ج ٥ ص ٣٧٣ ، والطبري ، وغير ذلك ..