ولكن العباسيين قد وجدوا أن ذلك كله لم يكن ينطلي على أحد. وأن الامور ـ مع ذلك ـ تسير في غير صالحهم ؛ ولهذا فان من الافضل والأجدى لهم أن لا يفسحوا المجال للعلويين للمنطق والحجاج ؛ فان ذلك من شأنه أن يظهر كل ما كان يتمتع به العلويون من خصائص ومميزات عليهم. هذا إن لم ينته الأمر بفضيحة ساحقة للعباسيين ، وكشف حقيقتهم وواقعهم أمام الملأ ، الأمر الذي كان يزعجهم ، ويقض مضاجعهم إلى حد كبير ..
وإذن .. فإن من الحكمة أن يتبعوا أساليب أخرى من أجل القضاء على العلويين ..
ولم تكفهم مراقبتهم لهم ، حتى لم يكونوا يغفلون عنهم طرفة عين أبدا ، من أجل التعرف على أحوالهم ، وإحصاء كل حركاتهم ، ابتداء من السفاح ، ثم اتبعه الخلفاء على ذلك من بعده ..
كما لم يكفهم .. التهديد والوعيد الذي كانوا يواجهونهم به ؛ بهدف إضعاف شخصياتهم ، وتحطيم معنوياتهم ..
كما لم يكفهم مصادرة أموالهم ، وهدم بيوتهم ، ومنعهم من السعي من أجل الحصول على لقمة العيش ، حتى لقد بلغ البؤس بهم أن : العلويات كن يتداولن الثوب الواحد من أجل الصلاة (١).
وكذلك لم يكفهم .. عزلهم عن الناس ، ومنع كل أحد من الوصول إليهم ، تمهيدا لتشويه سمعتهم بما أمكنهم من أساليب الكذب والافتراء ،
__________________
(١) كان ذلك في زمن المتوكل ، راجع : بند تاريخ ج ١ ص ٧٢ ، ومقاتل الطالبيين ص ٥٩٩.