انقطع ـ أو كاد ـ من المنهج البحثي للشيخ. وهو وتلاميذه يعتزون بهذه الصلة والوصلة العلمية بالشيخ.
* * *
نعم ، لقد ازدهر عصر شيخنا صاحب الجواهر بالعلم والعلماء والطلاب ، فازدحمت النجف يومئذ براود العلم من كل حدب وصوب لاسيما من القطر الايراني ، وبلغت القمة في رواج العلم فيها.
ومرد ذلك ـ فيما اعتقد ـ هو الاستقرار السياسي وفترة السلم التي سادت في البلاد الاسلامية يومئذ ، لاسيما بين الدولتين العثمانية والايرانية اللتين كانتا يتطاحنان ويتصارعان للتغلب على العراق مدة قرنين تقريبا ، انهكت فيها الامة العراقية ايما انهاك وتأخرت تأخرا أفقدها كل حيوية ، فسادها الوباء والجهل والفقر وانواع الامراض الفتاكة
وابتدأت الهدنة بين الدولتين قبيل عصر شيخنا المترجم له ، وذلك في اخريات ايام الشيخ جعفر كاشف الغطاء ، إذ سافر الى ايران بقصد اطلاق سراح اسرى جيوش الحكومة العثمانية بعد موقعة حربية سنة ١٢٢١ توغلت فيها الى حدود ايران ففشل الجيش العثماني واسر اكثره. فاستطاع الشيخ كاشف الغطاء ان نقنع شاه ايران فتحعلي شاه وابنه مرزا محمد علي قائد الجبهة بالعفو عن الاسرى وارجاعهم الى حكومتهم بعد ان فشلت كل الوسائط التي استعملتها الحكومة العثمانية.
فكان الصلح بعد ذلك بين الدولتين على يد مصلح الدولتين العظيم الشيخ موسى نجل الشيخ كاشف الغطاء المتوفى سنة ١٢٤١ ، وفتح الباب واسعا امام الهجرة الايرانية الى العتبات المقدسة ، وامام الاموال التي كانت ترسل لتعمير العتبات وصيانتها ولرجال الدين ومراجع التقليد. فزاد ذلك في نشاط الحركة العلمية لاسيما انها كانت تحظى بتشجيع شاه ايران بتقديره للعلماء تقديرا منقطع النظير. وكفى من تقديره الحفاوة البالغة التي لاقاها الشيخ كاشف الغطاء في ايران ، وقبول وساطته في اعظم امر كان يحرص عليه الشاه ، وهو الاحتفاظ باسرى الترك تأديبا للحكومة العثمانية ، لاسيما قائد الجيش