في أواخر أيامه تيمنا لا حضور التمليذ المستفيد ، ولذا كان يعبر عنه في كتبه ببعض العاصرين لاأكثر ، ولما رأى شيخنا فيه الاهلية لهذا المنصب الالهي في علمه وتقواه وورعه قدمه على جميع تلامذته ، فكان في اختياره موفقا كل التوفيق ، وأعطى بذلك درسا بليغا في القدسية ونكران الذات لا ينسى تغمده الله تعالى برحمته.
ومن الأمور الجليلة التي استغل فيها نفوذه للصالح العام واستعمل كل براعته فتح النهر المعروف باسمه لارواء النجف التي كانت تعاني من العطش ما تعاني من قرون طويلة. فانه رحمه الله فكر أن يفتح من نهر الفرات قناة كبيرة الى وادي النجف مهما كلفه الامر ، ولما قيل له أن هذا المشروع يتطلب نفقات هائلة يعجز عنها الملوك إذ يجب حفر القناة الى مقدار عمق الآبار النجفية ـ قال : اعلم بمقدار ما يتطلب من مال وقد قدرت له ما يقابل وزن ما أخرجه من الرمل ذهبا ، فهل هذا لا يكفي أيضا؟ هذا هو التصميم والارادة الجبارة التي تذلل كل صعب.
وبالفعل تم حفر النهر المعروف باسمه الواقع على يسار الذاهب الى الكوفة قرب سور النجف ، وقد شهدنا آثاره قبل أن تمتد دور الجديدة إليه ، ومنبعه يتصل يا راضي بني حسن العشيرة المعروفة. وجرى الماء فيه حتى قيل أن الشيخ مناع المعروف بطول القامة (الذي كان يهتف به الناس باللغة الدارجة : شيخ مناع. رأسك بالسما ورجليك بالكاع) أنزله الشيخ الى النهر لقياس عمق الماء فغمره الماء إلى أعلى أطراف أصابعه وهو رافع يديه. وكان الشيخ مناع يتحدث بهذه المكرمة لنفسه ، وقد عمر بعد هذا الى زمن طويل حتى أدركه أحفاد الشيخ وسمعوا منه القصة منهم العلم المعروف الشيخ محسن ابن الشيخ شريف الجواهري.
ولكن النهر كانت تعوزه أمور فنية غير متهيئة في ذلك العصر ، فقضت عليه بسرعة إذ انهارت الرمال في كثير من مواقعه. ولم ينفع معها بعده قيام تلميذه الجليل السيد اسد الله الاصفهاني علم أصفهان المعروف ، إذ سعى ـ بعد أن زار النجف بعد