الخارج بحيث لا يقع فيه أدنى الشك وهو إن الانسان بل كل موجود ذي شعور إذا خير بين الراحة والتعب إختار الراحة من غير تردد وتذبذب وإذا خير بين حيوة وعيشة مكدرة مشوبة وأخرى خالصة صافية إختار الخالصة الهنيئة قطعا ولو فرض إبتلائه بما كان يميل عنه إلى غيره من حياة شقية ردية أو عيشة منغصة لم يزل يتمنى الاخرى الطيبة الهنيئة فلا ينفك عن التحسر له في قلبه وعن ذكره في لسانه وعن السعي إليه في عمله.
فلو كانوا صادقين في دعويهم أن السعادة الخالصة الاخروية لهم دون غيرهم من الناس وجب أن يتمنوه جنانا ولسانا أركانا ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم من قتل الانبياء والكفر بموسى ونقض المواثيق والله عليم بالظالمين.
قوله تعالى : بما قدمت أيديهم كناية عن العمل فإن معظم العمل عند الحس يقع بواسطة اليد فيقدم بعد ذلك إلى من ينتفع به أو يطلبه ففيه عنايتان نسبة التقديم إلى الايدي دون أصحاب الايدي وعد كل عملا للايدي.
وبالجملة أعمال الانسان وخصة ما يستمر صدورن منه أحسن دليل على ما طوى عليه ضميره وارتكز في باطنه والاعمال الطالحة والافعال الخبثه لا يكشف إلا عن طوية خبيثة تأبى أن تميل إلى القاء الله والحلول في دار أوليائه.
قوله تعالى : ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ، كالدليل المبين لقوله تعالى : ولن يتمنوه أبدا أي ويشهد على أنهم لن يتمنوا الموت ، أنهم أحرص الناس على هذه الحيوة الدنيا التي لا حاجب ولا مانع عن تمني الدار الآخرة إلا الحرص عليها والاخلاد إليها ، والتنكير في قوله تعالى : على حيوة للتحقير كما قال تعالى : ( وما هذه الحيوة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون ). العنكبوت ـ ٦٤.
قوله تعالى : ومن الذين أشركوا الظاهر أنه عطف على الناس والمعنى ولتجدنهم أحرص من الذين أشركوا.
قوله تعالى : وما هو بمز حزحه من العذاب أن يعمر ، الظاهر أن ما نافية وضمير