بكلمات فأتمهن ، الكلمات وهي جمع كلمة وإن أطلقت في القرآن على العين الخارجي دون اللفظ والقول ، كقوله تعالى : ( وكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم ) آل عمران ـ ٤٥ ، إلا أن ذلك بعناية إطلاق القول كما قال تعالى : ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ، خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ) آل عمران ـ ٥٩.
وجميع ما نسب إليه تعالى من الكلمة في القرآن اريد بها القول كقوله تعالى ( ولا مبدل لكلمات الله ) الانعام ـ ٣٤ ، وقوله : ( لا تبديل لكلمات الله ) يونس ـ ٦٤ ، وقوله : ( يحق الحق بكلماته ) الانفال ـ ٧ ، وقوله : ( إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ) يونس ـ ٩٦ ، وقوله : ( ولكن حقت كلمة العذاب ) الزمر ـ ٧١ ، وقوله : ( وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا إنهم أصحاب النار ) المؤمن ـ ٦ ، وقوله : ( ولو لا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضى بينهم ) الشورى ـ ١٤ ، وقوله : ( وكلمة الله هي العليا ) التوبة ـ ٤١ ، وقوله : ( قال فالحق ، والحق اقول ) ص ـ ٨٤ ، وقوله : ( إنما قولنا لشئ إذا اردناه أن نقول له كن فيكون ) النحل ـ ٤٠ ، فهذه ونظائرها أريد بها القول بعناية أن القول توجيه ما يريد المتكلم إعلامه المخاطب ما عنده كما في الاخبار أو لغرض تحميله عليه كما في الانشاء ولذلك ربما تتصف في كلامه تعالى بالتمام كقوله تعالى : ( وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته ) الانعام ـ ١١٥ ، وقوله تعالى : ( وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل ) الاعراف ـ ١٣٦ كأن الكلمة إذا صدرت عن قائلها فهي ناقصة بعد ، لم تتم ، حتى تلبس لباس العمل وتعود صدقا.
وهذا لا ينافي كون قوله تعالى فعله ، فإن الحقائق الواقعية لها حكم ، وللعنايات الكلامية اللفظية حكم آخر ، فما يريد الله سبحانه إظهاره لواحد من أنبيائه ، أو غيرهم بعد خفائه ، أو يريد تحميله على أحد قول وكلام له لاشتماله على غرض القول والكلام وتضمنه غاية الخبر والنبأ ، والامر والنهي ، وإطلاق القول والكلمة على مثل ذلك شائع في الاستعمال إذا اشتمل على ما يؤديه القول والكلمة ، تقول : لافعلن كذا وكذا ، لقول قلته وكلمة قدمتها ، ولم