تقل قولا ، ولا قدمت كلمة ، وإنما عزمت عزيمة لا تنقضها شفاعة شفيع أو وهن إرادة ، ومنه قول عنترة :
وقولي كلما جشأت وجاشت |
|
مكانك تحمدى أو تستريحي |
يريد بالقول توطين نفسه على الثبات والعزم ، على لزومها مكانها لتفوز بالحمد إن قتل ، وبالاستراحة إغلب.
إذا عرفت ذلك ظهر لك أن المراد بقوله تعالى. بكلمات ، قضايا ابتلى بها وعهود إلهية اريدت منه ، كابتلائه بالكواكب والاصنام ، والنار والهجرة وتضحيته بابنه وغير ذلك ولم يبين في الكلام ما هي الكلمات لان الغرض غير متعلق بذلك ، نعم قوله : قال إني جاعلك للناس إماما ، من حيث ترتبه على الكلمات تدل على انها كانت أمورا تثبت بها لياقته ، عليهالسلام لمقام الامامة.
فهذه هي الكلمات وأما إتمامهن فإن كان الضمير في قوله تعالى : أتمهن راجعا إلى إبراهيم كان معنى إتمامهن إتيانه عليهالسلام ما أريد منه ، وامتثاله لما أمر به ، وإن كان الضمير راجعا إليه تعالى كما هو الظاهر كان المراد توفيقه لما اريد منه ، ومساعدته على ذلك ، وأما ما ذكره بعضهم : أن المراد بالكلمات قوله تعالى : قال إني جاعلك للناس إماما ، إلى آخر الآيات فمعنى لا ينبغي الركون إليه إذ لم يعهد في القرآن إطلاق الكلمات على جمل الكلام.
قوله تعالى : إني جاعلك للناس اماما ، أي مقتدى يقتدى بك الناس ، وتبعونك في أقوالك وأفعالك ، فالامام هو الذي يقتدي ويأتم به الناس ، ولذلك ذكر عدة من المفسرين أن المراد به النبوة ، لان النبي يقتدي به امته في دينهم ، قال تعالى : ( وما ارسلنا من رسول ، الا ليطاع بإذن الله ) النساء ـ ٦٣ ، لكنه في غاية السقوط.
اما اولا : فلان قوله : إماما ، مفعول ثان لعامله الذي هو قوله : جاعلك واسم الفاعل لا يعمل إذا كان بمعنى الماضي ، وانما يعمل إذا كان