المسجد ـ والمسلمون معه ـ فاختص الامر به ، أولا في شخص صلوته ثم عقب الحكم العام الشامل له ولغيره ، ولجميع الاوقات والامكنة.
قوله تعالى : وان الذين اوتوا الكتاب ليعلمون انه الحق من ربهم ، وذلك لاشتمال كتابهم على صدق نبوة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو كون قبلة هذا النبي الصادق هو شطر المسجد الحرام ، وايا ما كان فقوله : اوتوا الكتاب ، يدل على اشتمال كتابهم على حقية هذا التشريع ، اما مطابقة أو تضمنا ، وما الله بغافل عما يعملون من كتمان الحق ، واحتكار ما عندهم من العلم.
قوله تعالى : ولئن أتيت الذين اوتوا الكتاب بكل آية ، تقريع لهم بالعناد واللجاج ، وان ابائهم عن القبول ليس لخفاء الحق عليهم ، وعدم تبينه لهم ، فانهم عالمون بأنه حق علما لا يخالطه شك ، بل الباعث لهم على بث الاعتراض وإثارة الفتنة عنادهم في الدين وجحودهم للحق ، فلا ينفعهم حجة ، ولا يقطع إنكارهم آية فلو أتيتهم بكل آية ما تبعوا قبلتك لعنادهم وجحودهم ، وما أنت بتابع قبلتهم ، لانك على بينة من ربك ويمكن أن يكون قوله : وما أنت نهيا في صورة خبر ، وما بعضهم بتابع قبلة بعض ، وهم اليهود يستقبلون صخرة بيت المقدس أينما كانوا ، والنصارى يستقبلون المشرق أينما كانوا ، فلا هذا البعض يقبل قبلة ذاك البعض ، ولا ذاك يقبل قبلة هذا اتباعا للهوى.
قوله تعالى : ولئن اتبعت اهوائهم من بعد ما جائك من العلم ، تهديد للنبي ، والمعنى متوجه إلى امته ، وإشارة إلى انهم في هذا التمرد إنما يتبعون أهوائهم وانهم بذلك ظالمون.
قوله تعالى : الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنائهم ، الضمير في قوله يعرفونه ، راجع إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم دون الكتاب ، والدليل عليه تشبيه هذه المعرفة بمعرفة الابناء ، فان ذلك إنما يحسن في الانسان ، ولا يقال في الكتاب ، ان فلانا يعرفه أو يعلمه ، كما يعرف ابنه ، على ان سياق الكلام ـ وهو في رسول الله ،