تصحح أو تصوب هذه الفجائع التي لا تكاد توجد ، ولا أنموذجة منها في واحدة من الامم الماضية ؟ وكيف يزكى ويعدل فراعنة هذه الامة وطواغيتها ؟ فهل ذلك إلا طعن في الدين الحنيف ولعب بحقائق هذه الملة البيضاء ، على أن الحديث مشتمل على إمضاء الشهادة النظرية دون شهادة التحمل.
وفي المناقب في هذا المعنى عن الباقر عليهالسلام ولا يكون شهداء على الناس إلا الائمة والرسل ، وأما الامة فغير جايز أن يستشهدها الله وفيهم من لا تجوز شهادته على حزمة بقل.
وفي تفسير العياشي عن الصادق عليهالسلام في قوله تعالى : ( لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا الآية ) ، فإن ظننت أن الله عنى بهذه الآية جميع اهل القبلة من الموحدين أفترى إن من لا تجوز شهادته في الدنيا على صاع من تمر يطلب الله شهادته يوم القيامة ، ويقبلها منه بحضرة جميع الامم الماضية ؟ كلا ! لم يعن الله مثل هذا من خلقة ، يعني الامة التي وجبت لها دعوة إبراهيم كنتم خير أمة ، أخرجت للناس وهم الامة الوسطى وهخير امة أخرجت للناس ،
اقول : وقد مر بيان ذلك في ذيل الآية بالاستفادة من الكتاب.
وفي قرب الاسناد عن الصادق عليهالسلام عن أبيه عن النبي قال مما أعطى الله أمتي وفضلهم على سائر الامم أعطاهم ثلث خصال لم يعطها إلا نبي ـ إلى أن قال ـ وكان إذا بعث نبيا جعله شهيدا على قومه ، وإن الله تبارك وتعالى جعل امتي شهيدا على الخلق ، حيث يقول ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس الحديث.
اقول : والحديث لا ينافي ما مر ، فان المراد بالامة الامة المسلمة التي وجبت لها دعوة إبراهيم.
وفي تفسير العياشي عن أمير المؤمنين عليهالسلام : في حديث يصف فيه يوم القيامة ، قال عليهالسلام يجتمعون في موطن يستنطق فيه جميع الخلق ، فلا يتكلم أحد إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ، فيقام الرسول فيسئل فذلك قوله لمحمد فكيف إذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ، وهو الشهيد على الشهداء ، والشهداء هم الرسل.