نفسه ( بأنه هدى للعالمين ونور مبين وتبيان لكل شئ ) مهديا إليه بغيره ومستنيرا بغيره ومبينا بغيره ، فما هذا الغير ! وما شأنه ! وبماذا يهدي إليه ! وما هو المرجع والملجا إذا اختلف فيه ! وقد اختلف واشتد الخلاف.
وكيف كان فهذا الاختلاف لم يولده اختلاف النظر في مفهوم ( مفهوم اللفظ المفرد أو الجملة بحسب اللغة والعرف العربي ) الكلمات أو الآيات ، فإنما هو كلام عربي مبين لا يتوقف في فهمه عربي ولا غيره ممن هو عارف باللغة واساليب الكلام العربي.
وليس بين آيات القرآن ( وهي بضع آلاف ) آية آية واحدة ذات اغلاق وتعقيد في مفهومها بحيث يتحير الذهن في فهم معناها ، وكيف ! وهو افصح الكلام ومن شرط الفصاحة خلو الكلام عن الاغلاق والتعقيد ، حتى أن الآيات المعدودة من متشابه القرآن كالآيات المنسوخة وغيرها ، في غاية الوضوح من جهة المفهوم ، وإنما التشابه في المراد منها وهو ظاهر.
وإنما الاختلاف كل الاختلاف في المصداق الذي ينطبق عليه المفاهيم اللفظية من مفردها ومركبها ، وفي المدلول التصوري والتصديقي.
توضيحه : ان الانس والعادة ( كما قيل ) يوجبان لنا ان يسبق إلى أذهاننا عند استماع الالفاظ معانيها المادية أو ما يتعلق بالمادة فإن المادة هي التي يتقلب فيها ابداننا وقوانا المتعلقة بها ما دمنا في الحيوة الدنيوية ، فإذا سمعنا الفاظ الحيوة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والارادة والرضا والغضب والخلق والامر كان السابق إلى أذهاننا منها الوجودات المادية لمفاهيمها.
وكذا إذا سمعنا الفاظ السماء والارض واللوح والقلم والعرش والكرسي والملك واجنحته والشيطان وقبيله وخيله ورجله إلى غير ذلك ، كان المتبادر إلى افهامنا مصاديقها الطبيعية.
وإذا سمعنا : إن الله خلق العالم وفعل كذا وعلم كذا وأراد أو يريد أو شاء وأو يشاء كذا قيدنا الفعل بالزمان حملا على المعهود عندنا.
وإذا سمعنا نحو قوله : ( ولدينا مزيد الآية ) وقوله : ( لا تخذناه من لدنا الآية )