والحاصل بعد ان علمنا ان للحمام خصوصية على غيره كما صرحوا به ، ولم يظهر من الأخبار بيان خصوصية الخصوصية ، كان العمل بالإطلاق ، وإثبات الجميع له ، وانه يجري على ماء المادة حكم الجاري بشرط جريانها كما أشار إليه قوله عليهالسلام (١) : « أليس هو جار؟ قلت : بلى ، قال : لا بأس » هو المتجه وأولى من غيره. نعم ربما يقال باختصاص الحكم بما يخرج من المادة لا ما كان فيها ، فتنجس حينئذ بملاقاة النجاسة إذا كانت أقل من كر ، لما علمت ان المراد بماء الحمام ما كان في حياضه الصغار وما يجري إليها من المادة. ومن هنا قد استبعد العلامة رحمهالله الحكم بأن المادة إذا كانت أقل من كر فليست لها قوة على ان تعصم نفسها فكيف تعصم غيرها وتفيده حكما ليس لها. ولعل ما استبعده رحمهالله يراه الخصم قريبا بعد ما قضت الأدلة به. مع انه يحتمل ان يقال ـ وان بعد ـ بشمول ماء الحمام للجميع حينئذ ، أي ما في المادة والحياض ولا ينجس ما في المادة وان كان أقل من كر ، لكن بشرط جريانه. وقوله عليهالسلام (٢) في بعض الأخبار « إذا كانت له مادة » لا يقضي صريحا بان ماء الحمام ما عداها ، بل قد يشعر بمساواة مادته لمادة الجاري ، إلا ان الأظهر ما تقدم سابقا من ان ماء الحمام ما عداها فتأمل.
فصار حاصل البحث ان ما في الحياض حاله كحال الماء الخارج من عين الجاري ، والحوض الكبير الذي يأتي منه الماء بمنزلة العين التي ينبع منها الماء فلا يقبل ما في الحياض النجاسة سواء كان ما في الحوض الكبير كرا أو لا ، وسواء كان المجموع مقدار كر أولا ، لكن بشرط اتصالها بالمادة وتجدد الخروج منها. وأما حيث تنجس ما في الحياض إما بالتغيير أو انها انقطعت عنها المادة فتنجست ، فطريق تطهيره كطريق تطهير الجاري بما يخرج من المادة متدافعا عليه حتى يزول تغييره ان كان متغيرا. نعم هناك
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الماء المضاف ـ حديث ٨.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب الماء المطلق ـ حديث ٤.