بالتحقيق الذي ذكرناه انما هو انه لا ينقص عن أقل أفراد المعتاد. ويحتمل القول انه بقدر الشبر المعتاد بتقدير لا يزيد ولا ينقص فيكون تحقيقا في تقريب كأصل المقدار ، إلا انه بعيد كاحتمال القول ان المعتاد لا يزيد ولا ينقص تحقيقا.
ويستوي في هذا الحكم اي عدم نجاسة الكر وغيرها من الأحكام مياه الغدران والأواني والحياض على الأظهر ، بل لا ظهور في غيره على ما هو المشهور شهرة كادت تكون إجماعا ، بل هي كذلك ، ولذا أطلقه بعضهم على عدم نجاسة الكر ، إذ لم ينقل الخلاف فيه إلا عن المفيد في المقنعة وسلار في المراسم ، حيث ذهبا إلى نجاسة ما في
__________________
وحكاية الكتاب المجيد عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ( لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ ) لا تفيد إلا كونه مفتقرا الى الله تعالى في العلم بالمغيبات وانه لم يكن عالما به من تلقاء نفسه ، وهذا لا ريب فيه فان المعتقد ان الله تعالى هو المتلطف على النبي والأئمة من أبنائه بالملكة القدسية التي تمكنوا بواسطتها من استكشاف ما في الكون ، وارادة النفي المطلق باطلة لأنه لا ريب في إخباره ببعض المغيبات ، مع ان السياق يقتضي أن يراد من النفي العلم بالساعة لأن السؤال كان عنها.
فالمتحصل مما ذكرناه ان الله تعالى بمنه ولطفه أفاض على نبيه الأقدس صلىاللهعليهوآلهوسلم وخلفائه المعصومين ملكة نورية تمكنوا بواسطتها من استعلام ما يقع من الحوادث وما في الكائنات من الخواص وأسرار الموجودات وما يحدث من خير وشر ، ولا غلو فيه بعد قابليتهم لتحمل هذا الفيض المبارك ، وعدم الشح في عطاء الرب سبحانه ( يهب ما يشاء لمن يشاء ) وصارح الأئمة عليهمالسلام بهذه الحبوة الإلهية.
وانه غير بعيد فيمن تجرد للطاعة وعجنت طينته بماء البزاهة من الأولياء والصديقين فضلا عمن قبضهم الباري عز شأنه أمناء شرعه وأعلاما لعباده.
وقد اعترف الشيخ المفيد في المقالات ص ـ ٧٧ ـ بان الله سبحانه أكرم الأئمة من آل محمد عليهمالسلام بمعرفة ضمائر العباد وما يكون قبل كونه لطفا منه سبحانه لهذه الذوات القدسية ، وان لم يجب ذلك عقلا لكنه وجب لهم بالسماع.
وذكر الطبرسي في مجمع البيان عند قوله تعالى في سورة الأنعام الآية ٥٠ ( لا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ) : انه لم يعلم الغيب من تلقاء نفسه وانما يعلم ما يعلمه الله به وفي مرآة العقول ج ١ ص ١٨٧