فيها بقاء اسمها وهو قد يزول ويستهلك بخلافه هنا. فان قلت : مدار النجاسة هنا أيضا على كونه ماء بئر فمتى زال عنه هذا الوصف بممازجته للمطهر الغير القابل للنجاسة زال عنه النجاسة. قلت : هذا حق ، وقد أشرنا إليه سابقا ، لكن الكلام في خروجها عن ذلك دائما بمجرده ، فان قلت : لا يكاد يخفى انه مع إلقاء الكر وممازجته لا يصدق عليه انه ماء بئر فقط ، والمعلوم من التنجيس انما هو إذا كان مجردا عن غيره. قلت : بناء على ذلك لو ألقي كر في البئر قبل التنجيس لم تقبل النجاسة حينئذ وتسقط جميع أحكامها من النزح وغيره وهو بعيد ، نعم هو متجه فيما إذا وصلت بجار فان الظاهر سقوط أحكام البئر ، ومثله فيما لو وصلت براكد كثير لم يغلب عليه اسمها وكون مائه مائها لأن الأصل عدم أحكام البئر ، والمعلوم من الأدلة غير هذا الفرد فتأمل ، والظاهر انه بحكم الجاري الغيث ان قلنا بالمقدمة السابقة وهي ليس لنا ماء واحد ، بل وإن لم نقل لقوله (١) عليهالسلام « كل شيء يراه ماء المطهر فقد طهر » وما في رواية كردويه (٢) من النزح لماء الغيث لا ينافيه لظهوره في استصحاب عين النجاسة. وهل يطهر جميع مائها بإجرائها لدخولها تحت اسم الجاري ، أو الباقي عند المنبع بعد انفصال ما كان يجب نزحه لكون هذا الاجراء بمنزلة النزح ، أو انه لا يطهر شيء منها إلا بالنزح للشك في دخوله تحت اسم الجاري وكون هذا الجريان بمنزلة النزح واستصحاب النجاسة محكم أوجه ، أقواها الأخير ، وبعده في القوة الأول.
وكيف كان فتطهر بنزح جميعه من غير مسامحة ، ولعل بعض الأشياء اليسيرة جدا لا تقدح لعدم انفكاكها عرفا ، ولو ذهب جميع الماء لا بالنزح فالأقوى حصول الطهارة ، واحتمال التعبد في خصوص النزح في غاية الضعف وان كان هو الظاهر
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب الماء المطلق ـ حديث ٥.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الماء المطلق ـ حديث ٣.