ابن أبي عمير ، وهو من أصحاب الإجماع يدفعه أن الأقوى خلاف ذلك عندنا في أصحاب الإجماع ، كما هو مبين في محله ، فهذه الرواية مع ما في سندها بل وما سمعته في دلالتها واعراض أكثر الأصحاب عنها لا تصلح لأن تكون قاطعة لما ذكرنا ، كاعراضهم عما يستفاد من خبر عمار الساباطي (١) لما سأله عن المذبوح فقال عليهالسلام : « ينزح منه دلاء هذا إذا كان ذكيا فهو هكذا ، وما سوى ذلك مما يقع في البئر فيموت فيه فأكثره الإنسان ينزح منها سبعون دلوا ، وأقله العصفور ينزح منها دلو واحد ، وما سوى ذلك فيما بين هذين » من عدم تجاوز السبعين لكل حيوان بينهما ، بل يكون خارجا عن المسألة ، لأن الكلام في غير المنصوص ، فالأقوى حينئذ نزح الجميع ، ثم ان هذه الأقوال لا تجري على القول بان النزح للتعبد الشرعي أو للاستحباب ، مع احتمال جريان القولين الأخيرين دون الأول ، لاستنادهما للروايات بخلافه ، مع احتمال جريان الأول أيضا ، بتقريب أن استقراء ما ورد من الشارع في مقادير النزح حتى ما اتفق انه سئل يوما عن نجاسة إلا وذكر لها مقدرا ، بل غير النجاسة كاغتسال الجنب يفيد أن كل نجاسة لها مقدر ، لكن منه ما وصل ومنه ما لم يصل إلينا ، فالاحتياط حينئذ بناء على الوجوب التعبدي نزح الجميع ، أو بناء على الاستحباب إذا أريد اليقين بامتثال الأمر الاستحبابي ، ودعوى ان الاستقراء ان لم يفد العلم فلا حجة فيه ، لكونه قياسا ، وإفادته العلم ممنوعة يدفعها إنا نمنع عدم حجيته على التقدير الأول ، إذ الظاهر حجية مثله لاستفادته من الأدلة ، بل كثير من القواعد الشرعية مبناها على ذلك ، ولعل الحكم بنجاسته بغير المذكور المقدر له مبني على ذلك لا الإجماعات المنقولة ، لكن ومع ذا لا يخلو من إشكال ، لاحتياجه الى تحرير ليس هذا محله.
( وإذا تغير أحد أوصاف ماءها ) كلا أو بعضا لونا أو طعما أو رائحة قيل ينزح ماؤها أجمع ونسبه في كشف اللثام إلى القائلين بالنجاسة عدا المفيد وبنى زهرة
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الماء المطلق ـ حديث ٢.