كان ظاهره لا يخلو من تسامح ، ولعل ما صدر من صاحب المعالم يرجع الى الشك في شمول القاعدة الثانية ، لكنه لا يخلو من إشكال ، لمعارضة الأصل حينئذ بالاستصحاب ، ولعله لما ذكرنا أشار السيد المهدي في منظومته ، فقال :
واجعل زوال
العين في الحيوان |
|
طهرا كذا بواطن
الإنسان |
ثم الظاهر من القائلين بالاكتفاء بالزوال من غير اشتراط للغيبة أنه لا إشكال عندهم في حصول الطهارة بها ، إلا انها ليست شرطا ، لكن لو كانت عين نجاسة على بدن الحيوان ثم غاب وبعد ذلك باشر مائعا فهل يحكم بالنجاسة ، استصحابا بالبقاء العين ، أو الطهارة ، لكون الغيبة من المطهرات لاحتمال المطهر ولو زوال العين الذي اكتفينا به في طهارة الحيوان؟ قد يقال : بالأول ، وظاهر التسالم هنا على الغيبة انما هو بعد الحكم بزوال العين ، وان اختلف في أنه هل يشترط الغيبة لعدم الاكتفاء بالزوال ، أو يكتفى به؟ فلا حاجة إليها ، بل هو الظاهر من اشتراطهم الخلو من عين النجاسة بعد العلم بمباشرته لها ، ويحتمل قويا الثاني ، إذ الظاهر أنه لا إشكال عندهم في كونها من المطهرات في الحيوان وإن وقع الاشكال فيها في الإنسان ، فحينئذ يكتفي باحتمال حصول الطهارة له ، كل على مذهبه فيها ، فمن اكتفى بالزوال يكفي عنده احتماله ، ومن لا يكتفي به لا بد من احتمال غيره.
وكيف كان فلا تلازم بين القول بالطهارة بالزوال وبين الغيبة من المطهرات ، فقد تسلم الأولى ، وتمنع الثانية ، كما لعله الظاهر من بعضهم وإن كان الأقوى خلافه لقيام كثير من الأدلة السابقة على الطهارة بالزوال على حصول الطهارة بالغيبة ، فتأمل جيدا ، فان التحقيق الثاني ، لأن استصحاب بقاء العين لا يقضي بثبوت الإصابة التي هي حكم من الأحكام العرفية ، فالمتجه بقاء الآخر ولو مائعا على الطهارة التي لا يحتاج استصحابها الى حكم آخر ، نعم لو قلنا بتنجس الحيوان بملاقاة النجاسة واعتبرنا في