المتهمة وإن كان ليس في الأخبار ذكر للاتهام ، بل الموجود فيها أنه لا بأس بالوضوء من فضلها إذا كانت مأمونة كما تسمعه ان شاء الله تعالى ، ومن هنا قال في المدارك : « إن ما ذكره المصنف أولى ، لأن النص انما اقتضى انتفاء الكراهة إذا كانت مأمونة ، وهو أخص من كونها غير متهمة ، لتحقق الثاني في ضمن من لا يعلم حالها دون الأول ، الى أن قال : فان المتبادر من المأمونة من ظن تحفظها من النجاسات ، ونقيضها من لم يظن بها ذلك ، وهو أعم من المتهمة والمجهولة ».
قلت : لكن قد يقال : ان الأمر على خلاف ما ادعاه ، لعدم صدق غير المتهمة على مجهولة الحال ، بل هذه العبارة لا تقال إلا بعد اختبار حالها ومعرفته ، فيصدق عليها حينئذ انها غير متهمة وانها مأمونة ، كما يقال : فلان غير متهم على دينه أي بعد اختباره ، دون من لا يعرف حاله ولو لكونه من بلد أخرى ، كما هو واضح ، فحينئذ متى صدق عليها انها غير متهمة صدق عليها أنها مأمونة ، ومتى صدق عليها أنها غير مأمونة صدق عليها أنها متهمة ، نعم هما لا يصدقان على مجهولة الحال ، وكان عدم التعرض له لأنه قل ما تحصل المساورة مع حائض مجهولة الحال ، بل الغالب عدم معرفة كونها حائضا ، كما ان الغالب معرفة كونها مأمونة أولا مع العلم بحيضها ، لكونها حينئذ زوجة مثلا له ، فيكون أنه لا يعرف أنها حائض ، أو انه إذا عرف حيضها يعرف حالها ، فصار حاصل الرد إما بتسليم ان المأمونة من ظن تحفظها عن النجاسة لكنّا نمنع كون المفهوم شاملا للفردين وإن كان ذلك مقتضي النقيض ، إلا أن الفهم العرفي على إرادة مظنونة العدم دون مجهولة الحال ، أو يقال : انا نمنع أخذ الظن في المأمونة ، بل المراد منها المتحفظة عن النجاسة واقعا ، فتارة يظن ، وتارة يقطع ، وغير المأمونة غير المتحفظة في الواقع.
وعلى كل حال فمجهولة الحال لا يحكم عليها بشيء وإن كان الواقع لا يخلو منهما ، كما يرشد اليه قول ابن إدريس في السرائر ان المتهمة التي لا تتوقى من النجاسات ،