الواجب إلا به. وأجاب عن ذلك بوجهين الأول ان الأمة بين قائلين : قائل بوجوب الغسل في جميع الشهور والأيام والأوقات وهذا المعترض منهم ، وقائل بوجوبه فيما عيناه وشرحناه يعني به الوجوب للغير بعد الوقت وليس هاهنا قائل بالندب في طول أوقات السنة إلا الموقت المتقدم وليالي شهر رمضان ، قال : فانسلخ من الإجماع بحمد الله تعالى وحسبه بهذا عارا وشنارا ، والثاني انا نسلم وجوب ما لا يتم الواجب إلا به لكن ما نحن فيه ليس من هذا القبيل وذلك لتمامية الصوم بالاغتسال من دون نية الوجوب بل يكتفي بنية الندب قربة الى الله فيصح حينئذ صومه بلا خلاف. قلت : وهو كما ترى فيه نظر من وجوه بل لا يكاد يستقيم له محصل ، ولذا قال العلامة في المنتهى في الاعتراض عليه بعد ان نقل ذلك وغيره عنه : « ومن أعجب العجائب إيجاب الغسل عليه وان لا ينوي الوجوب بل الندب ، فللمغتسل أن يقول إن كان الغسل ندبا فلي ان لا أفعله فإن سوغ له الصوم من دون اغتسال فهو خلاف الإجماع ، والا لزمه القول بالوجوب أو القول بعدم وجوب ما لا يتم الواجب إلا به ، وإن كان واجبا فكيف انوي الندب في فعل واجب ، وعندك الفعل إنما يقع على حسب القصود والدواعي. فانظر الى هذا الرجل كيف يخبط في كلامه ولا يحترز عن التناقض فيه » انتهى.
قلت : ويمكن التخلص عن هذا الإشكال الذي ألجأ هؤلاء الأصحاب إلى مثل هذا الاضطراب بمنع اختصاص وجوب مقدمة الواجب بما بعد الوقت في مثل ما نحن فيه من الواجبات المنطبقة على تمام أوقاتها ونحوها من الواجبات المضيقة مما كانت المقدمات فيها تقدمها عليها لعدم سعة زمان فعلها إلا لها ، دون مقدماتها ، بشهادة جميع ما دل على وجوب مقدمة الواجب عليه من العقل والعرف وغيرها ، إذ لا ينبغي الشك في ان السيد إذا أمر عبده بالصعود على السطح عند الزوال من غير تأخير عنه كان مخاطبا بوضع السلم وغيره مما يتوقف عليه ذلك قبل الزوال ، وإلا عد عاصيا مفوتا للواجب عن وقته ، ومثله قطع المسافة للحج ونحو ذلك. وقولهم لا معنى لوجوب الشرط قبل