العرفية. وإلا جاز شربه وسائر استعماله في كل ما لم يشترط فيه المائية ، اما ما كان كذلك كإزالة الخبث أو الحدث فلا للأصل في المقامين. وكله سواء نبع من الأرض أو نزل من السماء أو اذيب من ثلج مع بقائه على أصل خلقته من دون عارض يعرض له من نجاسة أو استعمال على بعض الأقوال طاهر مزيل للحدث والخبث كتابا وسنة كادت تكون متواترة ، وإجماعا محصلا ومنقولا نقلا مستفيضا بل متواترا ، فما عن سعيد بن المسيب من عدم جواز الوضوء بماء البحر وما عن عبد الله بن عمر من أن التيمم أحب إليه ـ لا يلتفت اليه ، على ان الثاني غير متحقق الخلاف ، بل لا يبعد أن يكون الأول قد أنكر ضروريا من ضروريات الدين. والمراد بالحدث إما نفس الأمور المؤثرة الموجبة لفعل الطهارة ، ويراد حينئذ بالإزالة له الإزالة لحكمه ، وإما الأثر الحاصل منها. والمراد بالخبث النجاسة. والفرق بينهما ان الأول محتاج رفعه إلى النية دون الثاني. وربما فرق بأن الأول لا يدرك بالحس والثاني ما يدرك.
وكيف كان فمما يدل على كون الماء مزيلا للحدث والخبث من الكتاب قوله تعالى ( وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً ) (١) فان المراد من الطهور هنا المطهر فيوافق قوله تعالى ( وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ ) (٢) وقد وقع استعمال طهور في هذا المعنى في جملة من الأخبار المعتبرة كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٣) : « جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وأيما رجل من أمتي أراد الصلاة فلم يجد ماء ووجد الأرض لقد جعلت له مسجدا وطهورا » و « طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب ان يغسله سبعا » (٤) و « التراب طهور المسلم » (٥) و « التوبة طهور
__________________
(١) سورة الفرقان ـ آية ٥٠.
(٢) سورة الأنفال ـ آية ١١.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب التيمم ـ حديث ٣.
(٤) المستدرك ـ الباب ـ ٤٣ ـ من أبواب النجاسات والأواني حديث ٣ و ٤ مع تغيير في اللفظ.
(٥) المستدرك ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب التيمم حديث ٣ مع الاختلاف في اللفظ.