من أن البيتوتة الزمان الذي نهايته طلوع الفجر ، ولعله أراد ذلك الراغب الأصفهاني فيما حكي عنه من استدلاله بهذه الآية على أن النهار في الشرع اسم لما بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، قال : لأن بات فلان يفعل كذا موضوعة لما يفعل بالليل ، وظل لما يفعل بالنهار ، إذ ذلك مجردا لا يدل على مطلوبه كما هو واضح ، وقوله تعالى (١) : ( أَيّاماً مَعْدُوداتٍ ) و ( فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ ) (٢) و ( لَيْلَةَ الصِّيامِ ) (٣) ( فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ ) (٤) منضما إلى قوله تعالى (٥) ( حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) ولأصالة عدم النقل والتجوز من التقييد وغيره ، ولا ينافيه قوله تعالى (٦) : ( ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ ) عند التأمل ، فما ظنه بعضهم من أن « ثم والإتمام » قرينة على أن ساعة الفجر ليست من النهار ، وقد قرر ذلك بتكلف شديد وتعسف بعيد في غير محله ، فتأمل جيدا.
وقوله تعالى (٧) ( قُمِ اللَّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً نِصْفَهُ ) إلى قوله تعالى ( إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ ) إلى آخره. إذ من المعلوم أن الواجب على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم القيام إلى الفجر وأنه هو الذي يلاحظ نصفه وثلثه وثلثاه كما دلت عليه الأخبار واعترف به المفسرون كما قيل ، وقوله تعالى (٨) : « ( فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ ) ـ إلى قوله تعالى ـ ( إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ، أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ )؟ » فان من لاحظ ما ورد في القطع ، وقوله تعالى (٩) ( نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ ) وقوله تعالى (١٠) ( وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ ) وما ورد (١١) في مخاطبة لوط مع الملائكة جزم بخروج ما بعد الفجر عن الليل ، كالجزم
__________________
(١) سورة البقرة ـ الآية ١٨٠.
(٢) سورة البقرة ـ الآية ١٨٠.
(٣) سورة البقرة ـ الآية ١٨٣.
(٤) سورة البقرة ـ الآية ١٩٢.
(٥) سورة البقرة ـ الآية ١٨٣.
(٦) سورة البقرة ـ الآية ١٨٣.
(٧) سورة المزمل ـ الآية ٢.
(٨) سورة هود عليهالسلام ـ الآية ٨٣.
(٩) سورة القمر ـ الآية ٣٤.
(١٠) سورة القمر ـ الآية ٣٨.
(١١) سورة هود عليهالسلام ـ الآية ٨٣.