كمراعاة هذه العلامات ، ولقد استراح من عرفها بذلك كالأردبيلي والعلامة الطباطبائي ، قال الثاني منهما :
وللبعيد الجهة
المعينة |
|
بما لها من آية
مبينة |
فمحراب المعصوم عليهالسلام وهذه الامارات وغيرها انما هي أدلة على الجهة كما نص عليه المحقق الثاني في فوائد الشرائع لا العين ، ضرورة عدم معقولية دلالتها عليها بالخطوط المستوية مع اشتراك الإقليم الواحد بها فيما يقطع بعدم مقابلته العين حقيقة ، لسعة عرضه عليه أضعافا متعددة ، وكروية الأرض لا مدخلية لها في ذلك قطعا ، كما أن كون أهل الأرض مستديرين حول الكعبة كذلك ، إذ ليس استدارتهم كمحيط الدائرة كما اعترف به المحقق الثاني في فوائد الشرائع وإلا ما صلى المتوسطون في الجهة إلى سمت واحد ، ثم ان دلالتها على الجهة مختلفة ، فالمحراب ونحوه مما يفيد القطع بها ، لما عرفت وتعرف من منافاة الخطأ في ذلك العصمة ، وغيره يفيد الظن بها ، لاحتمال الخطأ في تحصيل القبلة (١) المقابلة بها كما أوضحناه سابقا ، ونص عليهما معا المحقق الثاني هنا في فوائده.
فمن الغريب ما وقع لبعض الأعلام كالشهيد في الذكرى والمحقق البهائي من أن هذه الامارات تفيد الظن الغالب بالعين والقطع بالجهة ، كما أنه من الغريب ما وقع لبعض علماء العصر من الإنكار على ما وقع من غير واحد من الأصحاب ، بل ظاهرهم الاتفاق عليه من أن محراب المعصوم عليهالسلام مما يفيد العلم بالقبلة قائلا ليس تكليف المعصوم عليهالسلام مع البعد إلا تكليف غيره من الاستقبال إلى الجهة ، ولذا كان يصلي قطعا في أمكنة متعددة يقطع بسعة عرضها على الكعبة من دون انحراف منه ، فكيف يكون محرابه مما يفيد العلم بالقبلة ، إذ لا يخفى ما فيه بعد الإحاطة بما ذكرناه سابقا
__________________
(١) ليس لفظ « القبلة » في النسخة الأصلية المسودة لكنه موجود في المبيضة ولا يخفى ان وجوده مخل بالعبارة.