تبعية الدلالة للإرادة
توضيحا لحيثيات هذا البحث التي قد يقع الخلط فيما بينهما نفرد فيما يلي الحديث عن أمور ثلاثة مختلفة مضمونا ، وقد لا يكون الملاك في إثبات بعضها كافيا لإثبات الباقي.
الأول : ان الدلالة اللفظية هل تكون تصورية أو تصديقية.
الثاني : ان الدلالة اللفظية هل تتوقف على وجود الإرادة بحيث لا توجد الدلالة إلا في ظرف فعلية الإرادة أم لا.
الثالث : في تحديد المدلول وأنه ذات المعنى أو المعنى المقيد بالإرادة.
أما الموضوع الأول ، فهو بحسب الحقيقة بحث عن جوهر الدلالة اللفظية الناشئة من الوضع من حيث كونها تصورية بمعنى كون اللفظ سببا لإخطار صورة المعنى في الذهن أو تصديقية بمعنى كونه كاشفا عن أمر خارجي وهو وجود الإرادة في نفس المتكلم.
والصحيح ـ على ما تقدمت الإشارة إليه ـ ان الدلالة الوضعيّة تصورية إذ لا يمكن أن تكون تصديقية إلا على مسلك التعهد في تفسير الوضع ، ومسلك التعهد باطل. أما بطلان هذا المسلك فقد تقدم توضيحه. واما كون الدلالة الوضعيّة تصديقية بناء عليه وتصورية بناء على المختار في تفسير الوضع فلأن الدلالة عبارة عن الانتقال من شيء وهو فرع الملازمة بينهما ، فإذا كانت الملازمة بين وجودين كان الانتقال تصديقيا ـ كالانتقال من النار إلى الحرارة أو من السحاب إلى المطر ـ وإن كانت الملازمة بين تصورين كان الانتقال تصوريا ـ كالانتقال من تصور السكوني في علم الرّجال إلى تصور النوفلي للتلازم بين ذكرهما ـ والتعهد مرجعه إلى إيجاد الملازمة بين وجودين هما وجود اللفظ وإرادة تفهيم المعنى بالالتزام بإرادة المعنى حين الإتيان باللفظ دائما فيكون الانتقال الناشئ منه تصديقيا وهو معنى كون الدلالة الوضعيّة تصديقية. واما الوضع بمعنى قرن اللفظ بالمعنى فهو يوجد الملازمة بين صورتين قرن الواضع إحداهما