لاستعمال اللفظ في معناه المجازي كونه موضوعا بوضع نوعي لما يشابه المعنى الحقيقي اتجه القول بتوقف صحة الاستعمال في المعنى المجازي على ملاحظة المشابهة إذ بدون ذلك لا يكون قد استعمل اللفظ في المعنى الّذي وضع له بالوضع النوعيّ وهو المشابه بما هو مشابه.
الخامس : ما يدعى كونه شرطا للاستعمال عموما من كون اللفظ موضوعا للمعنى المستعمل فيه إما بوضع شخصي ؛ وذلك في الاستعمال الحقيقي ، أو بوضع نوعي ، وذلك في الاستعمال المجازي. وتقوم هذه الدعوى على أساس ان استعمال اللفظ في معنى لا يكفي في صحته مجرد صلاحيته للدلالة عليه بل لا بد من الوضع.
وقد تقدم تحقيق ذلك في نظرية الدلالة على المعنى المجازي ، وأوضحنا انه لا يعتبر ذلك في تصحيح الاستعمال.
يمكن ان نلاحظ ـ على ضوء ما تقدم ـ ان الاستعمال عبارة عن الاستعانة بإخطار غير الشيء المقصود افهامه لكي ينتقل من إلى المقصود ، وفي مقابل ذلك قد يستبدل الشخص الاستعمال بطريقة إيجاد نفس المعنى المقصود افهامه بإيجاد المعنى خارجا وإحضاره تحت إحساس السامع كوسيلة الإخطار صورته في الذهن ، وتسمى هذه الدلالة بالدلالة الإيجادية وممارسة ذلك بالإطلاق بالإيجادي وهو يختلف في حقيقته ومميزاته عن الاستعمال ، كما يظهر ضمن النقاط التالية :
١ ـ ان الذهن في الدلالة الحكائية لا ينتقل إلى المعنى مباشرة بل باجتياز صورة ذهنية أخرى كصورة اللفظ التي تنبه الذهن إلى معناه نتيجة الاقتران الوضعي بينهما ، وما في الدلالة الإيجادية فالمعنى يتصور مباشرة وبلا توسيط تصور آخر لكونه قائما على أساس التلازم التكويني بين الإحساس بالشيء وحضور صورته لدى الذهن فلا يحتاج إلى أي عناية جعلية. وبكلمة أخرى : إن الاستجابة الذهنية في الدلالة الإيجادية قائمة على أساس الإحساس بالمنبه الطبيعي ولهذا كانت الدلالة الإيجادية هي الوسيلة الأولية والطبيعية في حياة الإنسان.