تشكيل القضية في مورد النقض لو سلم ليس ناشئا من عدم تعقل الوسيلة الإيجادية بل من عدم كون الهيئة في مورد النقض موضوعة لإفادة النسبة ، بخلاف الهيئة في المقام.
وهذا هو الجواب على النقض لا ما قد يقال ـ كما عن المحقق العراقي ـ من أن اعتياد الإنسان على الانتقال من الألفاظ لا من الأفعال هو نكتة الفرق (١) لأن الانتقال من الإحساس بشيء إلى تصور نفس ذلك الشيء أمر لا يختص بالألفاظ كما هو واضح ، واما الانتقال إلى أمر آخر من باب الحكاية فهو وإن كان مختصا باب الألفاظ إلا أن المطلوب في المقام ليس ذلك بل الانتقال إلى نفس ما أوجد.
ومنها ـ إطلاق اللفظ وإرادة نوعه وصنفه ومثله ، وقد قيل ان الأول من صغريات الوسيلة الإيجادية بل ادعى السيد الأستاذ ( دام ظله ) ان الإطلاقات الثلاثة كلها من هذا القبيل ولا معنى لجعلها من باب الاستعمال والحكاية ، لأن التوصل بالحاكي إنما هو في فرض لا يكون نفس المقصود حاضرا فيه وفي هذه الموارد يكون نفس المقصود حاضرا وموجدا وهو كلي ( ضرب ) مثلا بإيجاد فرده ، غاية الأمر : أن المقصود إذا كان هو النوع على إطلاقه اقتصر المتكلم على إيجاد فرده ، وإن كان المقصود حصة خاصة منه أتى بالحرف للدلالة على التحصيص والتضييق فيقول مثلا ( ضرب في ضرب زيد فعل متصل بفاعله ) (٢).
ولكن ، قد اتضح ـ على ضوء ما تقدم من المقارنة العامة بين الاستعمال والإيجاد ـ عدم إمكان تخريج هذه الإطلاقات على أساس الإيجاد ، لما مضى من أن الموضوع إذا كان كليا فيستحيل إحضاره في ذهن السامع بالوسيلة الإيجادية. ولا معنى لما أفيد من كون الموضوع موجدا بنفسه والحرف دال على التضييق في موارد إرادة الصنف أو المثل ، لأن ما هو المضيق إن كان هو ( ضرب ) بوجوده الخارجي فبطلانه واضح ، إذ
__________________
(١) بدائع الأفكار ج ١ ص ٩١
(٢) محاضرات في أصول الفقه ج ١ ص ١٠٦