بلحاظ استقلالي ويكفي فرد واحد من هذا اللحاظ لإفادة كل من المعنيين (١).
ويرد على التقريب الأول : أن آلية اللفظ ذهنا في عالم اللحاظ المدعاة شرطا ثانيا فيما تقدم إن أريد بها الآلية بالمعنى المقابل لتوجه النّفس والتفاتها تفصيلا إلى الشيء ، بمعنى أن الألفاظ تستعمل استعمالا أداتيا مع الغفلة عنها عادة ، فهذه ظاهرة عامة في عالم الاستعمال ولكنها ليست مقومة لعملية الاستعمال ذاتا ـ كما عرفت ـ ولا تستدعي امتناع استعمال اللفظ في أكثر من معنى ، لأن مجرد عدم التوجه إلى اللفظ كما يلائم مع استخدامه أداة لتفهيم معنى واحد كذلك يلائم مع استخدامه أداة لتفهيم معنيين ، ولا يخرج بذلك عن كونه أداة اعتاد الإنسان على استخدامها والنّظر إليها تبعا. وإن أريد بالآلية ملاحظة اللفظ فانيا في المعنى وكأنه المعنى بحيث يرى المعنى برؤية اللفظ فهي على فرض ثبوتها في الاستعمال توجب امتناع الاستعمال في أكثر من معنى ولكن هذا المعنى من الآلية غير معقول في المقام ـ كما تقدم ـ.
ويرد على التقريب الثاني : ان اللحاظ الآلي للفظ في مقام الاستعمال ليس معناه ان لحاظا واحدا يعبر من اللفظ إلى المعنى فيكون لحاظا استقلاليا للمعنى باعتبار استقراره عليه ولحاظا آليا للفظ باعتبار استطراقه منه ليلزم محذور عبور لحاظين عن اللفظ ، بل معناه ـ على ما تقدم ـ ان اللفظ ملحوظ بلحاظ وموجود في الذهن بوجود ، ولكنه ليس محطا للتوجه والالتفات من قبل النّفس بحكم العادة التي تجعل المعتاد يستعمل الأداة فيما أعدت له من دون توجه إليها بالفعل ، وقد عرفت أن الوجود الذهني أعم من التوجه والالتفات. وعليه ، فلا يلزم من استعمال اللفظ استعمالا أداتيا لتفهيم معنيين اجتماع لحاظين آليين عليه.
الثالث : ما جاء في كلمات المحقق الأصفهاني قدسسره تارة بتقريب : أن الاستعمال المذكور يقتضي صيرورة اللفظ وجودا تنزيليا لكل من المعنيين ، ومع كون الوجود الحقيقي واحدا فليس هناك أمران حقيقيان لينزل كل منهما منزلة معنى. وأخرى بتقريب : ان استقلال كل من المعنيين في مقام الاستعمال الّذي هو المفروض
__________________
(١) راجع مقالات الأصول ج ١ ص ٤٨