رتبة على الاستعمال (١) إذ يرد عليه : ان مرجع هذه الوحدة إلى تقييد كل من المعنيين بعدم لحاظ المعنى الآخر لحاظا استعماليا ، ومن الواضح أن ما هو في طول كل من المعنيين اللحاظ الاستعمالي المقوم للاستعمال فيه لا اللحاظ الاستعمالي المقوم للاستعمال في المعنى الآخر فضلا عن عدم ذلك اللحاظ فلا يلزم من أخذ الوحدة اللحاظية بهذا المعنى أخذ المتأخر في مرتبة متقدمة.
وأما الوجه الثاني ، فيرد عليه : أن ضيق غرض الواضع لا يوجب ضيق نفس العلقة الوضعيّة حتى لو سلم ذلك في باب الأوامر وان ضيق غرض المولى في باب العبادة يوجب ضيقا في متعلق الأمر وعدم إطلاقه ، وذلك لما أوضحناه من أن العلقة الوضعيّة أمر واقعي مترتب على الوضع ترتب المعلول على علته وليس حالها مع الوضع حال المجعول بالنسبة إلى جعله ، فمهما كان الغرض ضيقا يؤدي الوضع دوره كسبب لقرن أكيد بين اللفظ والمعنى ، وهذا القرن هو ملاك الانتقال والدلالة.
ثم إن ما ذكرناه انما نقصد به نفي خروج الاستعمال في أكثر من معنى عن قانون الوضع ، ولكنا نسلم في الوقت نفسه بأنه خلاف القانون العرفي للمحاورة ، وبمعنى انه على خلاف الظهور العرفي ، ولهذا لا يبني العقلاء على التمسك بأصالة الحقيقة لإثبات استعمال المشترك في كلا معنييه. ونكتة ذلك ظهور حال المتكلم في التطابق وعلاقة واحد بواحد بين عالم اللفظ والإثبات وعالم المقصود والمراد ، فان مقتضى التطابق أن يكون بإزاء كل جزء من الكلام جزء من المعنى لا جزءان.
الجهة الرابعة : ان من سلك مسلك قيد الوحدة في إبطال استعمال اللفظ في أكثر من معنى قد استثنى من ذلك المثنى والجمع ، وذكر انه لا بأس بأن يراد بعينين عين جارية وأخرى باكية ، بتخيل ان الألف والنون في المثنى دال على إرادة المعنيين من المدخول فلا محذور.
__________________
(١) مقالات الأصول ج ١ ص ٤٩