الجهة الأولى ـ في العلاقة بين هذا البحث والبحث المتقدم عن الحقيقة الشرعية.
قد يتبادر إلى الذهن في أوّل وهلة توقّف هذا البحث على ثبوت الحقيقة الشرعية ، بمعنى ثبوت مدلول شرعي لهذه الأسماء لكي يبحث عن اختصاصه بالصحيح أو شموله للفاسد أيضا ولكن الصحيح جريان هذا البحث سواء قيل في البحث السابق بالحقيقة الشرعية أو العرفية أو المجاز.
امَّا على القول بالحقيقة الشرعية فواضح ، وامَّا على القول بأنَّ الأسماء حقائق عرفيّة في نفس المعنى الشرعي ، فلرجوع النزاع إلى البحث عن تحديد ذلك المعنى الحقيقي لدى العرف وهل هو الصحيح أو الأعم؟
وأمَّا على القول بالمجاز ، فقد ذكر بشأن تصوير هذا النزاع بناء عليه أيضا وجوه :
الأول : ما جاء في كلمات صاحب الكفاية ( قده ) من رجوع النزاع على القول بالمجاز إلى تحديد المجاز الأقرب الّذي لا بد وأن
يحمل عليه اللفظ عند القرينة على عدم إرادة معناه الحقيقي ، فهل هو الصحيح أو الأعم؟ وبكلمة أخرى. انَّ أي المعنيين قد اعتبرت العلاقة بينه وبين المعنى الحقيقي الصحيح من أفراد المعنى الشرعي أو الأعم منه ومن الفاسد لكي يحمل عليه اللفظ ولو لم تكن قرينة معيّنة.
ثمَّ اعترض عليه : بأنَّ اللفظ إن أطلق بلا قرينة أريد منه المعنى الحقيقي لا محالة ، وإلا فلا بدَّ لإثبات المعنى المجازي وتعيينه في المعنى الصحيح أو الأعم من القرينة ، ولو بأن تكون قرينة شخصية عامة في محاورات الشارع ، وأنَّى يمكن إثبات مثل هذه القرينة (١).
وهذا الاعتراض غير وارد ، إذ الطولية بين المعاني المجازية ممَّا لا ينبغي إنكاره ـ كما شرحناه في بحوث الوضع ـ لأنَّ المجاز يكون على أساس العلاقة والمناسبة بين المعنى المجازي والحقيقي الّذي يقتضي قرناً بين اللفظ وبين المعنى المجازي في طول قرنه مع
__________________
(١) كفاية الأصول ج ١ ص ٣٥ ( ط ـ مشكيني )