كلّ تلك الموارد ويجمع كلّ متفرقاتها أن تلاحظ بنحو مبهم في غاية الإبهام بمعرفيّة بعض العناوين الغير المنفكّة عنها كعنوان الناهي عن الفحشاء والمنكر ، فيوضع له اللفظ. وهذا واقع في العرف في مثل الخمر مثلاً الموضوع لمائع مبهم من حيث مرتبة الإسكار ومن حيث كونه متخذاً من العنب أو التمر أو غير هما ، ومن حيث كونه ذا طعم خاص أو لون مخصوص أو غير ذلك من الجهات (١).
وفيه : إن أريد انَّ المسمّى مبهم ثبوتاً فهو غير معقول حتى فيما يصطلح عليه بالمبهمات فضلا عن أسامي العبادات أو المعاملات التي هي كأسماء الأجناس ، فانَّ المبهمات لا إبهام فيها من حيث المعنى والمفهوم الموضوع له اللفظ ، وانَّما إبهامها من حيث انطباقها في الخارج. وإن أريد انَّ المسمَّى معنى عرضي يشار به إلى واقع تلك المركبات فيكون مبهماً لعدم تبيّن المركّب المشار إليه به ـ كعنوان الجامع لما أمر به الشرع ـ فهو خلاف الوجدان العرفي والمتشرّعي القاضي بأنَّ أسامي العبادات والمعاملات كأسماء الأجناس تحكي عن عناوين تفصيلية حقيقية. ومنه يظهر ما في دعواه وضع الخمر لمائع مبهم ، فانَّ الخمر كأسماء الأجناس الأخرى موضوعة لمعنى مبين ولكنَّه ملحوظ لا بشرط من حيث مرتبة الإسكار ، أو المنشأ المأخوذ ـ على القول بعدم اختصاصه بما يتخذ من عصير العنب ـ أو غير ذلك من الجهات.
ويحتمل أن يكون مراده ( قده ) الإبهام في تشخيص المعنى الموضوع له لدى العرف ، كما في أسامي بعض المركّبات والمعاجين. ولو لا اعترافه ( قده ) بعدم معقولية الجامع التركيبي للأفراد الصحيحة لكنا نتأكّد من إرادته هذا المعنى وكان يرجع إلى الوجه المختار.
أمَّا تصوير الجامع على القول بالوضع للأعم ، فقد استشكل في إمكانه المحقق الخراسانيّ ( قده ) رغم أنَّه صوره فيما سبق على القول بالصحيح. وملخص ما أفاده : أنَ
__________________
(١) نهاية الدراية ج ١ ص ٥٥ ( المطبعة العلمية ـ قم )