بنظر العقلاء فقط ، إذ دعوى الوضع بإزاء الصحيح الشرعي يستوجب أن تكون أدلة الإمضاء من مثل ( أحلّ الله البيع ) لغواً حيث يرجع بحسب المفاد إلى قولنا البيع الصحيح صحيح ، وهي قضية بشرط المحمول (١).
وفيه : مضافاً إلى أنَّ غاية ما يلزم أن يكون البيع في شخص هذا الاستعمال أريد به الأعم ولو مجازاً بقرينة ورودها في مقام الإمضاء أن ما ذكر من المحذور انَّما يتّجه فيما إذا أريد بالوضع للصحيح عنوان الصحيح ، وهو لم يكن محتملاً في أسماء العبادات فضلاً عن أسماء المعاملات ، وإنَّما مدّعى الصحيحي هو الوضع بإزاء واقع الصحيح وهو المركب المشتمل على قيود تستوجب ترتّب الأثر المطلوب ، فيكون قوله تعالى ( أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) ) بمثابة ان يقول « أحلّ الله التمليك بعوض المقرون بالرضا والإنشاء بفعل الماضي والبلوغ مثلاً » ولا لغوية في ذلك كما هو واضح. وإن شئت قلت كما أن الصحة في المعاملة متقومة بالإمضاء كذلك الصحة في العبادة متقومة بالأمر فيكون أخذها في المسمَّى مستلزماً لتعلّق الأمر بالمأمور به وهو من القضية بشرط المحمول أيضا ، فالتفرقة بين المقامين في الإشكال المذكور لا نفهم له وجهاً. والجواب ما عرفت.
فالصحيح ، أنَّ النزاع يمكن أن يجعل في الوضع للصحيح عند العقلاء أو الوضع للصحيح عند الشارع الّذي هو أخصّ من الصحيح عند العقلاء.
الجهة الثانية : في جريان النزاع في أسماء المعاملات بمعنى المسببات.
ذكر المشهور : أنَّ النزاع في أسماء المعاملات مبنيّ على أن تكون اسماً للمعاملة بمعنى السبب ، لأنَّه الّذي يشتمل على أجزاء وشرائط ويترتّب عليه الأثر فيتصوّر فيه الصحة والفساد ، وأمَّا المعاملة بمعنى المسبب ـ كالملكية ـ فأمره دائر بين الوجود والعدم لا الصحة والفساد.
وعلّق عليه السيد الأستاذ ـ دام ظلّه ـ بأنَّ المسبب له معنيان :
__________________
(١) محاضرات في أصول الفقه ج ١ ص ٣٠٤ ( مطبعة الآداب في النجف الأشرف )