أسبابه (١).
ولكنَّك عرفت : أن المعاملة بمعنى المسبب ليس هو المنشأ أو الاعتبار الشخصي القائم في نفس المتعاملين ، بل النتيجة القانونية المتحصّلة بالمعاملة خارجاً. وإمضاء الشارع للمسبب بهذا المعنى لا يعني افتراض نظره إلى الأحكام العقلائية ـ جعلاً أو مجعولاً ـ المقررة من قبل لإمضائها ، بل إمضاء المسبب عند الشرع والعقلاء معاً بمعنى إعطاء الناس الفرصة على إيجاده في قبال المنع عنه ، كما هو المستفاد من مثل قوله تعالى « ( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا ) » (٢).
وعلى هذا الأساس يتّضح وجه عدم الإطلاق اللفظي في أدلة الإمضاء لأنَّ الترخيص وإعطاء الفرصة لإيجاد مسبب ـ كالتمليك بعوض مثلاً ـ لا يقتضي الترخيص في إيجاده عن أيّ طريق وسبب ، وهذا مطلب عرفي مقبول قبل أن يكون تحليلاً عقليّاً ونظيره ما يدلّ على الترخيص في ذي المقدمة الّذي له مقدمات عديدة على سبيل البدل فانَّ دليل الترخيص هذا ليس له إطلاق يقتضي الترخيص في جميع تلك المقدمات البدلية.
الجهة الخامسة : في اختيار وضع أسماء المعاملات للأسباب أو المسبّبات ولا بدَّ مسبقاً من توضيح ما يشتمل عليه كلّ من السبب والمسبّب. أمَّا السبب فيتكوّن من ثلاثة عناصر :
١ ـ الإنشاء المتمثل في اللفظ أو ما يقوم مقامه.
٢ ـ المدلول التصديقي للإنشاء ، وهو الالتزام الشخصي بمضمونه في أفق النّفس فلو لم يكن جاداً في إنشائه لم يتحقّق السبب.
٣ ـ قصد التسبب بذلك الالتزام إلى المسبب القانوني العقلائي أو الشرعي
__________________
(١) محاضرات في أصول الفقه ج ١ ص ١٩٩ ـ ٢٠٢ ( مطبعة الآداب في النجف الأشرف )
(٢) سورة البقرة آية ٢٧٥