فلو لم يكن قاصداً للتسبب. لا تتحقّق المعاملة.
وأمَّا المسبب ، فهو الأثر والنتيجة القانونية المترتّبة خارجاً على إنشاء المعاملة ـ كما تقدّم ـ وهو تارة : يكون قانوناً شرعيّا. وطوراً : يكون قانوناً عقلائيّاً. وثالثة : يكون قانوناً شخصيّا يتّفق عليه المتعاملان خاصة.
وعلى هذا الأساس يتبيّن : أنَّه لا تقابل بين المعاملة بمعنى السبب والمعاملة بمعنى المسبب بل يمكن جعلهما فردين من مفهوم واحد ، فالبيع مثلاً اسم للتمليك بعوض ، والبائع عند إنشائه يكون قد أوجد التمليك خارجاً حقيقة بنفس اعتباره وإنشائه ، فكل من اعتباره وما تسبب إليه فرد من التمليك إلا أنَّ أحدهما التزام شخصي مباشر والآخر التزام قانوني تسبيبي والدليل عليه صحّة إطلاق الاسم عرفاً على كلّ منهما بلا عناية.
بل لا يبعد دعوى أنَّه بحسب النّظر العرفي المسامحي لا يوجد شيئان بل شيء واحد هو ما يوجده المتعاملان من التمليك بعوض ، ويكون تحليل العملية إلى إنشاء معاملي ونتيجة قانونية منشأة به نظير تحليل الموجود الخارجي إلى إيجاد ووجود أمراً دقيقاً.
فالحاصل : انَّ النّظر العرفي المسامحي يرى انَّ الملكية القانونية عبارة عن تطوير للتمليك الشخصي والنسبة بينهما نسبة البذرة إلى الشجرة.
وحيث ثبت صحة إطلاق أسماء المعاملات على المعاملة بمعنى السبب كان النزاع حول وضعها بخصوص الصحيح منها أو الأعم متجهاً.
الجهة السادسة : في اختيار وضع أسماء المعاملات للصحيح أو الأعم والظاهر أنَّه لا ينبغي الشك في عدم وضعها لخصوص المعاملة الصحيحة بنظر الشرع ، كيف وهذه الأسماء كانت دارجة بين الناس قبل مجيء الشريعة وما أوجبته من قيود وشرائط. كما أنَّ مخالفة الشرع مع العرف في بعض شرائط صحة المعاملة لا تعني مخالفته معه في مدلول الاسم ، وهذا واضح بل يمكن أن يقرر هذا المعنى كدليل تعبّدي على عدم وضع الاسم للصحيح الشرعي بالبيان المتقدّم في بحث الحقيقة الشرعية ، حيث يدّعى ظهور الاستعمالات الشرعية عرفاً في أن الشارع أيضا يستعملها في نفس المعاني المعهودة لها