الوجه الأول : ما نسب إلى المحقق النائيني ( قده ) إذ قيل : بأنَّه يرى أن مدلول الحرف هو الربط الكلامي وبهذا كان إيجاديّاً ، بخلاف المعاني الاسمية فانَّها مفاهيم استقلالية بحد ذاتها وأنفسها وبهذا كان المعنى الاسمي إخطاريّاً (١).
وقد فهم السيد الأستاذ ـ دام ظلّه ـ من هذا الكلام انَّ المقصود هو وضع الحروف للربط بين أطراف الكلام في مرحلة الاستعمال. فاعترض عليه : بأنَّ ربط الحروف بين المفاهيم الاسمية في التراكيب الكلامية غير المربوطة بعضها ببعض انَّما هو من جهة دلالتها على معانيها التي وضعت بإزائها لا من جهة إيجادها المعاني الربطية في مرحلة الاستعمال والتركيب الكلامي (٢).
وفهم دليل المحقق النائيني في ضوء ذلك بأنَّ الحروف بعد ان لم يكن يخطر منها في الذهن معنى مستقل فلا محالة يتعيّن في أن تكون معانيها إيجادية. فاعترض عليه بقوله : « الثاني ـ إن عدم استقلالية المعاني الحرفية في حدّ أنفسها وتقوّمها بالمفاهيم الاسمية المستعملة لا يستلزم كونها إيجادية ، لا مكان أن يكون المعنى غير مستقل في نفسه ومع ذلك لا يكون إيجاديّاً » (٣).
والمظنون قويّا أن مقصود المحقق النائيني ( قده ) ملاحظة مرحلة المعنى وإيجادية المعاني الموضوعة بإزائها الحروف لا انَّها توجد الربط بين أطراف الكلام بلا أن تكون موضوعة لمعنى ، ولكن باعتبار ان سنخ معانيها الموضوعة بإزائها سنخ معانٍ لا يمكن
__________________
(١) راجع محاضرات في أصول الفقه ج ١ ص ٦٣
(٢) راجع محاضرات في أصول الفقه ج ١ ص ٦٤ ـ ٦٧
(٣) راجع محاضرات في أصول الفقه ج ١ ص ٦٨ ـ ٦٩