إحضارها في الذهن مستقلاً لعدم ثبوت تقرّر ذاتي لها بقطع النّظر عن مرحلة وجودها ضمن اشخاص أطرافها كانت إيجادية ـ بالنحو المتقدّم شرحه في الفوارق الثلاثة بين معاني الحروف والأسماء ـ فلا مجال لشيء من هذين الاعتراضين.
وبكلمة أخرى : ان الإيجاديّة إذا لم يرد بها الإيجادية في نفس مرحلة الكلام في مقابل تقرّر المعنى الحرفي بقطع النّظر عن المرحلة الكلامية بل أريد بها الإيجادية في مرحلة الصورة الذهنية لمدلول الكلام في مقابل ان يكون للمعنى تقرّر في مرتبة ذاته وبقطع النّظر عن مرحلة الوجود الذهني فلا يرد عليها الاعتراضان المذكوران.
ومنه يظهر : أنَّه لا مجال لاعتراض أورده المحقق العراقي ( قده ) من أن هذا مبني على القول بإمكان وجود الماهية المهملة ـ الموضوع لها الاسم ـ في الذهن مجرّداً عن الإطلاق والتقييد ليوجد فيها التقييد بالحرف ، مع استحالة ذلك ، لأنَّ الطبيعة اللا بشرط المقسمي لا تأتي في الذهن إلا في ضمن الطبيعة بشرط شيء أو الطبيعة لا بشرط. وعلى الأول ، يكون التقييد ثابتاً في مرحلة سابقة على الكلام وهو خلف الإيجادية. وعلى الثاني ، يستحيل إيجاد الربط والتقييد لأنَّ المطلق لا يقبل التقييد إلا بإزالة تلك الصورة واستبدالها بصورة أخرى ويعود حينئذ نفس التشقيق (١).
فانَّه لم يكن المقصود انَّ معاني الحروف توجد التقييد في معاني الأسماء بعد وجودها في الذهن مهملة لكي يكون خلاف التحقيق ، وانَّما المقصود من الإيجادية الخصائص الثلاث المتقدّمة ، وهي لا تستلزم وجود المعنى الاسمي الواقع طرفا للمعنى الحرفي في الذهن بنحو مهمل قبل وجوده.
هذا ، مضافاً : إلى أنَّه لو سلّم انَّ المقصود من الإيجادية ما توهّم فلا يرد عليه الإشكال المذكور أيضا ، لأنَّ الطبيعة اللا بشرط المقسمي وإن كان لا يعقل وجودها على جامعيتها في الذهن إلا أن إحدى حصتيها ـ وهي الطبيعة اللا بشرط القسمي ـ
__________________
(١) راجع مقالات الأصول ج ١ ص ٢٢