يلزم أن لا يكون للحرف مدلول بالعرض ومفني فيه ، وهذا يعني انَّ القضية في مرحلة المدلول بالعرض تظلّ ناقصة وغير متطابقة مع مرحلة المدلول بالذات. ويرد عليه : انَّه لو سلّم انَّ المقصود من الإيجادية ما توهّم ـ فيمكن لمدعي هذا النحو من الإيجادية أن يقول : بأنَّ الربط الكلامي له محكي وهو الربط الخارجي في مرحلة المدلول بالعرض ولكنه ليس على نحو حاكية المفهوم الذهني عن مصداقه لأنَّه خلف الإيجادية بالمعنى المفترض بل على نحو حكاية المماثل عن مماثله. وبذلك يظهر الجواب عن اشكاله الثالث ؛ وهو انَّ مدلول الحرف في قول الآمر « سِر من البصرة بحكم كونه إيجاديّاً يكون في صقع الطلب ومثله في التأخر عن المطلوب رتبة وباعتباره من قيود المطلوب يكون متقدّماً فان ما هو في صقع الطلب الربط الكلامي وما هو من قيود المطلوب لبّ محكيه بالمعنى الّذي عرفته. على أن كون شيء موجوداً في صقع الطلب لا يعني انَّه في رتبته وكون شيء في رتبة الطلب لا يعني تأخّره رتبة عن المطلوب.
الوجه الثاني : ما نسب إلى المحقق الأصفهاني ( قده ) إذ ادّعي أنَّه يرى وضع الحرف للوجود الرابط الخارجي. واعترض عليه السيد الأستاذ ـ دام ظلّه ـ.
أوّلاً : انَّ الوجود الخارجي أو الذهني ليس مأخوذاً في المعنى الموضوع له الكلمة ، بل اللفظ يوضع بإزاء ذات المعنى لأنَّ الوضع انَّما هو لأجل الانتقال الذهني إلى مدلوله وما يعقل انتقال الذهن إليه ذات المعنى لا الوجود.
وثانياً : انَّ الوجود الرابط كثيراً ما لا يكون موجوداً في موارد الاستعمال ، كما في موارد استعمال اللام في قولنا « الوجود لله واجب » إذ لا يعقل الوجود الرابط بين الله ووجوده.
وثالثاً : انَّ الوجود الرابط الخارجي أساساً لا موجب للالتزام به ، إذ لا برهان على وجود أمر ثالث في الخارج زائداً على الذات والعرض سوى ما يدّعي : من انَّا قد نعلم بوجود زيد وبوجود علم ونشك في قيام هذا العلم بزيد ، وحيث انَّ المشكوك غير المعلوم فيجب أن يكون هناك في حالة علم زيد أمر ثالث وراء ذات زيد وذات العلم