الملحوظ بالعرض باللحاظ الفاني من زاوية اللاحظ كذلك خصوصية تصادق اللحاظين في مقام الإفناء على مصب واحد لا يضيف إلى ملحوظ بالذات خصوصية مفهومية لأنَّ هذا التصادق معنى حرفي قائم بين اللحاظين نفسهما ، ولا يدخل كقيد في الملحوظ بالذات ولكنه دخيل في رؤية الملحوظ بالعرض للحاظين معه بنحو الوحدة فبدلاً عن أن يفنى كل من اللحاظين بصورة منعزلة عن الآخر يفنيان معاً في مصبّ واحد.
والنسبة التصادقيّة التي هي النسبة التامة المداولة للجملة الخبرية كما تتصوّر في الجمل الخبرية الاسمية كما في قولنا « الرّجل ضارب » كذلك تتصور في الجمل الخبرية الفعلية كما في قولنا « ضرب الرّجل غاية الأمر أنَّهما نحوان من التصادق ، فانَّ التصادق في الأول هو بالمعنى الّذي عرفناه الّذي يرجع إلى انطباقهما على واقع واحد ، والتصادق في الثاني بمعنى انطباقهما على مركز واحد مركّب من العرض ومحله ، فالضرب والرّجل مفهومان وهذان المفهومان قد يلحظ مفهوم الضرب منهما فانياً في حادثة ومفهوم الرّجل فانياً في ذات غير واقعة طرفاً لتلك الحادثة ، وفي مثل ذلك لا ربط ولا تصادق بين المفهومين. وقد يلحظ مفهوم الضرب فانياً في حادثة معيّنة ومفهوم الرّجل فانياً في طرف تلك الحادثة ، فيكون بينهما علاقة وارتباط وتصادق على واقعة مركّبة واحدة في الخارج ، وهذا هو مفاد الجملة الفعلية. فالتصادق دائماً يكون بلحاظ أخذ العنوانين بما هما مشيران إلى الخارج مع افتراض نحو وحدة في المشار نحوه بهما معاً ، فان كانت هذه الوحدة ذاتية كان من باب الحمل ، كما هو الحال في الجمل الخبرية الاسمية ، وإن كانت وحدة في الواقعة كان من باب الإسناد كما هو الحال في الجمل الخبرية الفعلية.