قائماً لا قصد الحكاية عنها. وقد حاول الأستاذ التخلّص من هذا النقض بافتراض أن أداة الاستفهام أو هيئة الجملة الاستفهامية موضوعة بوضع واحد لإبراز قصد الإنشاء والاستفهام ، فليست استفادة الاستفهام من الجملة الاستفهامية من باب تعدد الدال والمدلول بأن يكون الاستفهام مفاداً بدلالة الأداة والنسبة التامة بالجملة التامة المدخول عليها الأداة حتى يكون نقضاً عليه.
إلا أن هذه المحاولة للتخلّص عن النقض غير تامة أيضا.
فإنَّه أولا : بالإمكان تبديل النقض بما لا يحتمل فيه وحدة الدال والمدلول كما إذا دخل الفعل على الجملة التامة في مثل قولك « أخبرني أن زيداً ميّت » فانَّ المخبر به نفس النسبة لا قصد المخبر الحكاية عنها. والأفعال لا إشكال في كون دلالتها من باب تعدد الدال والمدلول حيث وضعت هيئتها بوضع نوعي مستقل عن وضع المواد التي تدخل عليها.
وثانياً : لو لم تكن استفادة الاستفهام من الجملة الاستفهامية من باب تعدد الدال والمدلول لما صحّ أن يصدق الاستفهام في مقام الجواب بنعم أو ينفي بلا. لأنَّ المدلول الإنشائي غير قابل للتصديق أو للنفي وإنَّما القابل لذلك النسبة التامة المفاد عليها بالجملة التامة في مدخول أداة الاستفهام. اللهم إلا أن يدعى بأن « نعم » أو « لا » في قوة تكرار تلك الجملة التامة واستعمالها في معنى لم تكن مستعملة فيه في سياق الاستفهام وهو النسبة الاخبارية على سبيل الاستخدام ، نظير أن يقول « هل جاءك المولى » بمعنى العبد فيقول « نعم » وهو يريد معنى آخر من المولى غير ما أراده المتكلّم.
إلا انَّ مثل هذه التحميلات واضحة التكلّف والفساد.
وامَّا الجمل التامة الإنشائية ، فقد وقع فيها بحث واسع بين الأعلام من خلال مقارنتهم لها بالجمل التامة الخبرية ومحاولة التمييز بين القسمين ، ويمكن تصنيف البحث إلى جهتين : إحداهما : تتصل بنحو علاقة الجملة الإنشائية بالمعنى ودلالتها عليه وأنَّها إيجادية بمعنى كونها موجدة لمعناها باللفظ ، خلافاً لعلاقة الجملة الخبرية بالمعنى ودلالتها