في واقع يرى بالنظر التصوّري مفروغاً عنه ، وفي مورد الإنشاء تلحظ فانية في واقع يرى بالنظر التصوّري ثبوته بنفس هذا الكلام ، ومن أجل ذلك توصف الجملة الإنشائية بالموجديّة وهذه موجدية محفوظة حتى في موارد الهزل ، لأنَّها موجدية بحسب النّظر التصوّري وهي محفوظة سواءً ترتّب مصداق للمعنى حقيقة على الجملة الإنشائية ، كما في موارد صحة البيع ، أو لم يترتّب ، كما في موارد هزليّته وعدم ترتّب أثر عليه. وبعبارة أخرى : إنَّ هذه الموجدية وما يقابلها من شئون مرحلة المدلول التصوري ولا تتوقّف على افتراض المدلول الجدّي ولا من شئونه ، غير أنَّه لا بدَّ أن يكون المعنى سنخ معنى قابل لأن يحدث له مصداق بنفس هذا الكلام لكي يلحظ بحسب النّظر التصوري على هذا الوجه ، ويكون ذلك في أحد الموردين اللذين أشرنا إليهما في الوجه السابق.
وهذه الموجدية معنى صحيح معقول يمكن التمييز به بين الأخبار والإنشاء في الموارد التي يترتّب فيها للإنشاء موجدية لمصداق معناه ، ولكنَّها غير متصوّرة في الموارد التي لا يترتّب فيها للإنشاء موجدية لمصداق معناه ، كما في جمل التمنّي والترجّي ، فإن النسبة التي تعبّر عن التمنّي أو الترجّي بنحو المعنى الحرفي إنَّما يترقب أن يكون لها مصداق ثابت في نفس المتمنّي والمترجّي ، ولا معنى لافتراض مصداق لها بنفس الكلام. ودعوى : أن التمنّي الإنشائي يكون مصداقاً كذلك مجرّد كلام ، لأنَّ التمنّي الإنشائي عبارة أخرى عن استعمال الجملة الإنشائية في مقام التمنّي وهذا ليس مصداقاً للتمنّي لينظر إلى المدلول التصوّري بما هو فانٍ في مصداق يحصل بنفس هذا الكلام.
وكلَّما تعقّلنا الموجدية في الإنشاء والحكائيّة في الاخبار ، فإن تعقّلنا هما على نحو يرجعان إلى خصوصيّتين في المدلول الجدّي للكلام فلا إشكال في خروجهما عن المعنى الموضوع له والمستعمل فيه ، لأنَّ المدلول الوضعي مدلول تصوّري بحت ، وان تعقلنا هما على نحو يرجعان إلى خصوصيتين في المدلول التصوّري الاستعمالي كما هو الحال في الوجه الرابع فيقع الكلام في أخذ هاتين الخصوصيّتين في المعنى الموضوع له الجملة الإنشائية والخبرية وعدم أخذ هما وكونهما من شئون الاستعمال محضاً ونلاحظ بهذا الصدد : أن المحقق الخراسانيّ قدسسره ذهب إلى انَّ الاخبارية والإنشائية ليستا دخيلتين في المعنى الموضوع له والمستعمل فيه ، وأكد ذلك جملة من أعلام مدرسته