استلزام النسبة لوجود طرفين لها على الأقل عقلاً تدلّ الأداة تبعاً على طرف النسبة الاستفهامية وهو مفهوم الاستفهام والشيء نفسه يقال عن سائر الجمل الإنشائية فالجملة الطلبية تدلّ على نسبة الطلب أو البعث إلى المادة وهكذا.
الوجه الثالث : ما يستفاد من كلمات المحقق الأصفهاني قدسسره من أنَّ المتكلّم بعد أن يصبح في حالة الاستفهام عن قضية تتحقق علاقة وربط بينه وبين القضية المستفهم عنها لم تكن موجودة قبل ذلك ، وكما ينتزع عن حالة الاستفهام مفهوم اسمي وهو الاستفهام كذلك ينتزع من هذا الربط مفهوم حرفي هو معنى أداة الاستفهام أو هيئة الجملة الاستفهامية فيكون مفادها النسبة القائمة بين المستفهم والمستفهم عنه ، وهذا الوجه يختلف عن سابقه في أنَّ طرف الاستفهامية هناك نفس مفهوم الاستفهام بينما هنا المستفهم ولذلك يكون مفهوم الاستفهام خارجاً عن مدلول الأداة هنا بينما كان مدلولاً عليه في الوجه السابق تبعاً والغريب انَّ مقرّر بحث المحقق العراقي ( قدس سرّه ) ذكر الوجه الثاني في تقريب كلامه ، حيث قال : انَّ أداة الاستفهام موضوعة للنسبة الاستفهامية بينما الموجود في مقالات المحقق العراقي نفسه انَّها موضوعة لنسبة الاستفهام.
وما أفاده المحقق الأصفهاني يمكن تصويره في سائر الجمل الإنشائية بأن تكون موضوعة للنسب الموازية للمفهوم الاسمي للاستفهام والطلب والتمنّي والترجّي والنداء وغير ذلك.
ولا شك في وهن الوجه السابق في مقابل هذا الوجه ، لأنَّ مقتضى الوجه السابق الّذي هو ظاهر المقالات أن تكون الجملة الاستفهامية على مستوى مدلولها اللفظي ناقصة ، لعدم وجود دال على أحد طرفي النسبة وهو الاستفهام ، لأنَّ الأداة أو الهيئة باعتبارها حرفاً متمحضة في الدلالة على النسبة ، ومجرد القرينة العقلية الحاكمة بتقوم النسبة بطرفين لا يوجب تتميم المدلول بما هو مدلول الجملة ، وإلا لأمكن أن يصبح قولنا « زيد في » جملة تامة بضمّ القرينة المذكورة ومثل هذا البيان لا يرد على ما أفاده المحقق الأصفهاني كما هو واضح.
وعلى أيّ حال ؛ فإنَّه يرد على كلّ من فرضية المحقق العراقي وفرضية المحقق