العبادة الضد ، وإنما الصحيح جعل ثمرة هذا البحث ـ على ما سيأتي في محله ـ ثبوت الأمر الترتبي بالضد العبادي على القول بعدم الاقتضاء المستلزم لصحته والاجتزاء به وعدمه على القول بالعدم المستلزم لعدم الاجتزاء به.
٣ ـ ان ترتب الصحة على القول بعدم الاقتضاء من دون حاجة إلى مسألة أصولية أخرى ليس من الاستنباط بناء على ما تقدم منه ـ دام ظله ـ في دفع الاعتراض الثاني ، لكونه بنحو التطبيق لا التوسيط.
وحاصل ما حاوله المحقق العراقي ( قده ) انه جعل أصولية القاعدة مرهونة بكونها متكفلة للدلالة على الحكم وناظرة إلى إثباته بنفسه أو بكيفية تعلقه بموضوعه (١).
وبهذا يمكن تفسير الفرق بين ظهور صيغة الأمر في الوجوب وظهور كلمة الصعيد أو وثاقة الراوي ، فان الأول دال على الحكم بنفسه وناظر إليه دون الثاني.
ولا ينقبض عليه بمثل بحوث العام والخاصّ أو المطلق والمقيد أو بحوث الجملة الشرطية والوصفية ، بدعوى : انه كالبحث عن مدلول كلمة الصعيد لا يكون ناظرا إلى إثبات الحكم. لأن البحث فيها يرجع بحسب الحقيقة إلى البحث عن كيفية تعلق الحكم بموضوعه من حيث كونه عاما أو خاصا أو كونه بنحو التعليق أولا ، فتكون القاعدة الأصولية اللفظية في هذه البحوث أيضا ناظرة إلى إثبات الحكم.
وهذه المحاولة أيضا مما لا يخلو من إشكال. لأنها تؤدي إلى خروج مثل مسألة اقتضاء الأمر بشيء للنهي عن ضده ، بناء على ان الحكم المطلوب إثباته بها فقهيا ليس هو حرمة الضد بل الأمر الترتيبي به أو صحته وبطلانه ، وواضح ان قاعدة الاقتضاء لا تكون ناظرة إلى إثبات ذلك بصيغتها المطروحة في علم الأصول وقد يرجع واقع مراد المحقق العراقي ( قده ) إلى معنى آخر يأتي توضيحه.
وهكذا يتضح : ان جميع المحاولات التي أفيدت لعلاج الاعتراض الثالث ودفعه
__________________
(١) مقالات الأصول ج ١ ص ١٠