إلى هنا كنَّا نتكلّم عن الجمل الحمليّة اسمية أو فعلية خبرية أو إنشائية ومن مجموع ما ذكرناه يمكن التعرّف على مفاد الجملة الشرطية التي يربط فيها مفاد جملة بمفاد جملة أخرى وبتعبير آخر : انَّها تربط بين نسبتين تامتين ولا يصحّ تأليف الجملة الشرطية للربط بين جملتين ناقصتين أو بين تامة وناقصة ، وهذا بنفسه من الشواهد على ما هو المختار من ان الجملة التامة والناقصة تختلفان في مرحلة المدلول التصوّري بلحاظ سنخ النسبة لا انَّ الفرق بينها بلحاظ دلالة الأولى على قصد الحكاية مثلاً دون الثانية ، كما عليه السيد الأستاذ ـ دام ظلّه ـ ليرجع إلى كون الاختلاف بينهما في مرحلة المدلول التصديقي إذ لو كان الأمر كذلك لكنا نترقّب ان لا تختلف جملة الشرط في حالتي التمامية لمفادها والنقصان لأنَّها على أي حال ليس لها مدلول تصديقي وانَّما المدلول التصديقي للجملة الشرطية ككل. ومن يقول « إذا جاء زيد فأكرمه » لا يريد ان يحكي عن مجيء زيد ، ومع هذا نرى انَّ جملة الشرط لا يصحّ أن تكون إلا تامة وهذا شاهد على انَّ التمامية والنقصان من شئون المدلول التصوّري. ومفاد الجملة الشرطية امَّا بلحاظ هيئتها ككل أو بلحاظ أداتها هو النسبة التعليقية وهي نسبة ثانوية كالنسبة التصادقية موطنها الأصلي هو الذهن ، إذ في لوح الواقع الخارج عن الذهن لا توجد نسبة تعليقية متقوّمة بطرفين ، بل الإناطة والتوقّف أمر واقعي له واقعية حتى في حال عدم ثبوت الطرفين يوجه فلا يعقل أن تكون واقعية التوقّف وثبوته في الخارج على نحو نسبي وإلا لما استغنى عن طرفيه ، وهذا بخلاف النسبة التوقّفية والإناطة في الذهن فانَّ مرجعها إلى إناطة المفهوم المفاد بجملة لجزاء بالمفهوم المفاد بجملة الشرط بلحاظ مرحلة صدقها وبما هما حاكيان عن معنونهما ، فكما انَّ التصادق ليس إلا شأن العناوين القائمة في الذهن كذلك الإناطة والتوقّف والنسبة التوقفية مع مفهوم التوقّف كالنسبة التصادقية أو الابتدائية مع مفهوم التصادق والابتداء ، ولما كانت نسبة ثانوية موطنها الأصلي الذهن فهي تامة لا محالة وبهذا كانت الجملة الشرطية تامة وأمَّا جملتا الجزاء والشرط فهما أيضا جملتان تامتان لأنَّ مفادهما النسبة التصادقية ، وعدم صحة السكوت