على أحدهما ليس لنقصانها في نفسها بل لعدم استيفاء حق النسبة التعليقية التي لا تقوم إلا بطرفين ، فلو أتي المتكلّم بأداة الشرط مع جملة الشرط وسكت كان عدم صحة السكوت بسبب بتر مفاد الجملة الشرطية وعدم استيفاء أطراف النسبة التعليقية التي بدأ بتفهيمها لا بسبب نقصان جملة الشرط في ذاتها. وقد يأتي الكلام بنحو أوسع عن مفاد الجملة الشرطية في فصل المفاهيم إن شاء الله تعالى.
تتكوّن الجملة التامة من محكوم به ومحكوم عليه. والمفردات اللغوية إذا قطع النّظر عن جانب الهيئة فيها فهي تنقسم إلى اسم وحرف ، ولا شك في انَّ الاسم يصحّ أن يكون محكوماً به ومحكوماً عليه في الجملة التامة كما لا شك في انَّ الحرف لا يصلح لكلّ من الأمرين وان كان قد يتوهّم وقوعه محكوماً به فيما إذا كان الخبر مكوّناً من جار ومجرور مثلاً كما في قولنا « الرّجل في الدار » ولكن الصحيح انَّ هذا غير معقول ، لأنَّ المحكوم به طرف للنسبة التامة وطرف النسبة التامة يجب أن ينظر إليه بما هو مستقل عن طرفها الآخر ، إذ في صقع النسبة يحتاج إلى طرفين متغايرين ـ كما تقدّم ـ مع انَّ الحرف وهو كلمة « في » في المثال تدلّ على نسبة ناقصة والنسبة الناقصة تحليلية كما برهنا عليه والنسبة التحليلية تندمج مع كلا طرفيها في وجود ذهني واحد ، ومن هنا يلزم التهافت من جعل الجار والمجرور بنفسه محكوماً به ، لأنَّ مقتضى النسبة التامة أن يكون منحازاً عن المحكوم عليه ومقتضى النسبة الناقصة الاندماج فيه. وهذا هو السرّ الفني لما اتَّفق عليه النحاة من تقدير مفهوم اسمي في أمثال المقام على نحو تعود الجملة المذكورة إلى قولنا « الرّجل كائن في الدار » ليعطي لكلّ من النسبتين حقّها بدون محذور.
وأمَّا إذا دخلت الهيئة على الاسم وأصبح الاسم مركّباً من هيئة ومادة فهذا يؤدّي في بعض الحالات إلى ظهور قسم ثالث في اللغة ليس صالحاً لأن يحكم عليه وبه كما في الاسم ـ وليس فاقداً لصلاحية كلا الأمرين معاً ـ كما في الحرف ـ بل هو وسط بينهما يصلح لأن يحكم به ولا يصلح لأن يحكم عليه وهو الفعل. غير انَّ ظاهرة نشوء هذا